داود أوغلو ونزوات تركيا التوسعية
03/09/2014 | 9:44 ص 0 comments
داود أوغلو ونزوات تركيا التوسعية- في القسم الاخير من التسعينات، كانت تركيا تتخبط على وقع أزمات سياسية واقتصادية. وبرز نقاش وطني واسع حول نيل عضوية الاتحاد الاوروبي والفائدة المرتجاة منها ودورها في حل مشكلات البلد. وكنت يومها طالباً في جامعة مرمرة كلية الشؤون الخارجية. وخرج استاذ واحد...
في القسم الاخير من التسعينات، كانت تركيا تتخبط على وقع أزمات سياسية واقتصادية. وبرز نقاش وطني واسع حول نيل عضوية الاتحاد الاوروبي والفائدة المرتجاة منها ودورها في حل مشكلات البلد. وكنت يومها طالباً في جامعة مرمرة كلية الشؤون الخارجية. وخرج استاذ واحد على اجماع المدرسين في الكلية هذه، وعارض اندماج تركيا في الغرب. وكان استاذاً مميزاً في الفلسفة السياسية الاسلامية والغربية يُقبل على النقاش مع الطلاب. وفي محاضراته ذهب الى ان تركيا ستوجه دفة العالم الاسلامي إذا استندت الى ارثها الضخم وقدراتها الجغرافية. واليوم، بعد 14 عاماً، عيّن استاذي القديم، احمد داود اوغلو رئيساً لوزراء تركيا. وكان ما يسوقه في القاعات الجامعية أقرب الى القصص الخيالية منه الى التحليل السياسي. فهو درج على تسويغ ما يقوله بالاستناد الى سوابق تاريخية، منها انشاء بريطانيا امبراطورية مترامية الاطراف إثر الحرب الاهلية في القرن السابع عشر، والسابقة الالمانية: أمة منقسمة ارتقت قوة عظمى اثر توحيدها في القرن التاسع عشر.
وكان داود اوغلو على يقين ان رؤيته هذه ستساهم في تحويل تركيا من بلد ينهشه التضخم وحرب مع الانفصاليين الاكراد، الى قوة عظمى. وصاغ افكاره هذه في كتابه «العمق الاستراتيجي» الصادر في 2001، قبل عام من بلوغ «حزب العدالة والتنمية» السلطة. وتركيا في «العمق الاستراتيجي» أمة لا تدرس التاريخ بل تصنعه، وهي ليست امة ثانوية في أطراف الغرب بل مركز الحضارة الاسلامية.
واليوم، تصور وسائل الإعلام الموالية للحكومة داوود أوغلو على انه لاعب كبير في السياسة الدولية. وتداول مئات الآلاف شريط فيديو بث على الشبكة الالكترونية يظهره على انه قائد يحتذي بخطى السلاطين العثمانيين. وتواكب الشريط اغنية تقول: احلامي عمرها قرن وهي تتحقق... الوريث الروحي لعبد الحميد الثاني».
ولكن داود أوغلو ليس عثمانياً جديداً أو «نيو عثماني»، على ما يوصف. فالحركة المعروفة بـ» الرابطة العثمانية» برزت في ثلاثينات القرن الثامن عشر حين قررت نخب السلطنة استبدال المؤسسات الاسلامية بأخرى أوروبية النمط في مجالات واسعة من التعليم الى السياسة. وعلى خلاف الحركة هذه، يرى داود اوغلو ان على تركيا الاعتبار بالماضي وانتهاج القيم الاسلامية وإرساء مؤسسات اسلامية.
لكنه يسند رؤيته الإسلامية الى نظريات سياسية استخدمت لتسويغ مشروعية التوسع الغربي الامبراطوري قبل 1945. وعلى رغم أنه وعد تركيا بسياسة خارجية من بنات القرن الواحد والعشرين، حاكى في انجازه الأعظم أو تحفته الاستراتيجية مفاهيم جيو- سياسية بائتة تعود الى مفكرين من امثال الاميركي ألفريد ثاير ماهان، والبريطاني هالفورد ماكيندر والالماني كارل هوسهوفر الذي أشاع مفهوم «ليبنسروم» (الحيز الحيوي). وتوسلت المانيا في العشرينات والثلاثينات بالمفهوم هذا لتسويغ حاجتها الى توسيع حدودها. ويرى داود أوغلو أن الدول - الأمم المنشأة بعد انفراط عقد السلطنة العثمانية هي كيانات مصطنعة. وعليه، تبرز الحاجة الى توسع تركيا وتحديد «حيزها الحيوي» الخاص. وإنشاء الحيز هذا هو الجسر الى الاندماج الثقافي والاقتصادي في العالم الاسلامي الذي ستقوده تركيا، عاجلاً ام آجلاً. وهو يعتبر أن بلاده أمام خيارين: إما تهيمن اقتصادياً على القوقاز والبلقان والشرق الأوسط وإما تبقى دولة - أمة أسيرة التمزق الداخلي والنزاعات التي قد تودي بها الى التفكك.
ويوم كان وزير خارجية تركيا، حسِب داود أوغلو أن الربيع العربي هو فرصة تاريخية سانحة من اجل «تحقيق» الافكار هذه. وتكهن بأن أنظمة إسلامية ستتربع محل الأنظمة الديكتاتورية، فيبرز ما سماه «حزام الإخوان المسلمين» وتكتمل حلقاته وتوجه تركيا دفته. وسعى الى استمالة التأييد الغربي لمشروعه، وزعم أنه مشروع «التحول الديموقراطي» في الشرق الأوسط. ولكن اليوم، اثر 3 سنوات، لم تبرز أنظمة ديموقراطية في المنطقة، وصار تنظيم «داعش» جاراً لتركيا وأعلن الخلافة. وقبل شهرين، شن مقاتلوه غارة على القنصلية التركية في الموصل العراقية، وأخذوا 49 ديبلوماسياً تركياً رهينة. ويبدو أن جعبة داود أوغلو، وهو صاحب فكرة انشاء اتحاد اسلامي من طريق إلغاء الحدود، خاوية الوفاض من اي فكرة حول سبل التعامل مع الجهاديين في سورية والعراق.
ولا شك في ان رئيس الوزراء الجديد غير مصيب في حسبانه ان عجلة الزمن توقفت في الشرق الاوسط في 1918، عام تفكيك السلطنة العثمانية، أو أن تركيا في وسعها إلغاء حدود الدول في المنطقة وتولي قيادة الاتحاد الإسلامي. فهو لا يقيم وزناً لقرن من القومية العربية والعلمانية. وهو مدعو الى الصدوع بأن رؤيته الاسلامية الواسعة التي تستند الى نظريات توسعية بائدة، أفلت ومر عليها الزمن. وسبيل خروج تركيا من الاستقطاب الذي يتجاذبها والارتقاء الى مصاف نموذج يحتذى في المنطقة هو ترسيخ مبادئ جامعة وعامة، مثل الديموقراطية وحكم القانون والحرية الفردية.
* أستاذ مساعد في جامعة مرمرة، صاحب «من بيت الإسلام الى الوطن التركي: صناعة وطن في تركيا»، عن «نيــويــورك تايمز» الأميــركيــة، 28/8/2014، اعداد منال نحاس.
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
عدة زلازل تهز تركيا.. عالم جيولوجي يتوقع المزيد والإعلام يرفض الترويع
يستمر الجدل في تركيا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن زلازل محتملة ستشهدها البلاد، إذ اتهم الخبير الجيولوجي الشهير، ناجي غورور، بما أطلقت
زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالى تركيا وانهيار منارات بعض المساجد القديمة -
ضرب زلزال بقوة 5.6 درجة، اليوم، إقليم توكات بشمال تركيا، وفقًا لإدارة الكوارث والطوارئ التركية، وأفاد وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا أن فرقًا من أفاد ووكالات أخرى معنية تتحرى الوضع فى موقع الزلزال.
هل زيارة إسماعيل هنية لتركيا تمهد لانتقال دور الوساطة من الدوحة إلى إسطنبول؟ - BBC News عربي
زيارة إسماعيل هنية إلى تركيا تأتي بعد تصريحات لرئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري عبر فيها عن خيبة أمله بسبب عراقيل توضع أمام جهود بلاده للوساطة بين حماس وإسرائيل.
مصر الأولى في قائمة صادرات تركيا إلى أفريقيا اقتصاد الجزيرة نت
شهدت العلاقات التجارية بين مصر وتركيا تحسنا ملحوظا، فجاءت مصر الأولى بقائمة المستوردة للمنتجات التركية أفريقيا، ويبلغ التبادل التجاري بين البلدين نحو 10 مليارات دولار ويسعيان لرفعه إلى 20 مليار دولار.
وزير خارجية مصر إلى تركيا.. يبحث مع أردوغان تعزيز التعاون وملفات المنطقة
يتوجه وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا، اليوم الجمعة، في زيارة لبحث العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون.وصرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم
تعرف على خبز البيدا.. أصوله مصرية ولا تخلو منه مائدة رمضانية في تركيا
مع شهر رمضان المبارك من كل عام، تتعد المأكولات والمعجنات التي يزداد الطلب عليها في هذا التوقيت رغم أنها تستخدم في فتراتٍ أخرى طيلة العام، إلا أن بعضها بات
كيف تؤثر حرب غزة على انتخابات تركيا المقبلة؟ - BBC News عربي
كثيرون يتساءلون عما لو كانت شعبية الرئيس التركي ستتأثر في الانتخابات البلدية المرتقبة لعدم قطع علاقات بلاده مع إسرائيل أم لا على الرغم من إدانته المستمرة للهجوم الإسرائيلي على غزة.
داود أوغلو ونزوات تركيا التوسعية تركيا داود أوغلو ونزوات تركيا التوسعية- في القسم الاخير من التسعينات، كانت تركيا تتخبط على وقع أزمات سياسية واقتصادية. وبرز نقاش وطني واسع حول نيل عضوية الاتحاد الاوروبي والفائدة المرتجاة منها ودورها في حل مشكلات البلد. وكنت يومها طالباً في جامعة مرمرة كل
التعليقات علي داود أوغلو ونزوات تركيا التوسعية