جامع الشيخ زايد بالإمارات.. تحفة معمارية إسلامية تستحق أن تكون جامعة صور
18/12/2018 | 12:00 ص 0 comments
جامع الشيخ زايد بالإمارات تحفة معمارية إسلامية تستحق أن تكون جامعة
صرح إماراتي كبير دخل من أوسع الأبواب دائرة المعالم الإسلامية بعمارته التي تعجز الألسُن عن وصفها، ساوت جدرانه وأروقته صفوف مسلمي جنسيات متعددة، وسدت فُرَج الاختلاف بين عاداتهم وتقاليدهم، ووحدتهم على ثقافة الاحترام؛ احترام الآخر، عندما زارته مؤخرًا "بوابة الأهرام" خلال حضورها مسابقة "أم الإمارات" الشيخة فاطمة بنت مبارك الدولية للقرآن الكريم، أدركت أن هذا المَعْلم سيظل مئات السنين شاهد عيان على عظمة الإسلام مُعَمّر البشر والحجر.
الحديث عن جامع الشيخ زايد بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي أخذنا الانبهار بعمارته الأصيلة المعاصرة، إلى قِبلة ليست للصلاة فقط، بل للعلم والعبادة، وإلى جامع لا يجمع المصلين فحسب، وإنما جامعة أيضًا تجمع علماء الأمة على كلمة سواء وعلم سوي، يرسخان ويعمقان الثقافة الإسلامية ومفاهيمها السليمة، وأن يكون منارة تشع بعلمها وفكرها في العالم، ويسهم في مسيرة الإبداع والتقدم، ويقوم على العلم الصحيح، والمعرفة الحقة، والقيم الإسلامية السمحة، ومحاربة الغلو والتشدد والإرهاب، ومواجهة حملات التشكيك والهدم في ثوابت الدين، وترسيخ الوعي بالهوية العربية الإسلامية، والسطور التالية تؤكد ذلك..
المؤسس والرسالة
يحمل هذا الجامع الكبير اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسّس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، وأول رئيس لها، وبعد وفاته عام 2004، تولى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئاسة الدولة، وواصل العمل على تحقيق حلم الوالد (رحمه الله) في بناء هذا الصرح الكبير.
الجامع تحفة معمارية بديعة تكشف عن الثراء والتنوع المعماري، والانسجام بين مدارس العمارة الإسلامية كالتصميم المغولي والمملوكي والعثماني والأندلسي والمغربي، فضلاً عن استيعابه لأنماط حديثة من الطرز المعمارية المعاصرة؛ حيث إن الشيخ زايد كان يسعى إلى إقامة بيت من بيوت الله يجسد رسالة وقيم دولة الإمارات العربية المتحدة في التسامح والتعايش والسلام، كما أنه أراد لهذا المعمار، أن يغدو صرحًا عالميًا يصور الثقافة الإسلامية السمحة، ويعزز التواصل الحضاري ويرسخ قيم التعايش بين الشعوب.
يقع ضريح "زايد" في مبنى منفصل في الجهة الشمالية للجامع، وفي المنطقة المجاورة للقبر، يوجد مجموعة من المقرئين يتناوبون على تلاوة القرآن الكريم ليلا ونهارا، حتى يختموا القرآن يوميًا، وهذه التلاوات القرآنية التي تنتشر في أرجاء الجامع تزيد من روحانية وجمال هذا الصرح البديع.
مرحلة البناء
جامع الشيخ زايد الكبير، أكبر جامع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو الجامع الرسمي للدولة، يقع على مدخل مدينة أبوظبي، شُيّد على أرض مرتفعة بنحو عشرة أمتار؛ لذلك يُمكن لسكان المنطقة والمناطق المحيطة مشاهدته. بدأ التخطيط لبنائه في أواخر الثمانينيات، ولكن مرحلة البناء الفعلية بدأت في الخامس من نوفمبر عام 1996 وانتهت في عام 2007 في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث فتح الجامع أبوابه للمصلين لأداء صلاة العيد، وتبلغ القدرة الاستيعابية للجامع حوالي 50 ألف مصلٍّ، وتبلغ مساحته الإجمالية، أكثر من 555 ألف متر مربع، وقد استغرق بناؤه 11 عامًا، ويحمل تصميمه بصمات عالمية لفنانين وحرفيين من مختلف أنحاء العالم، وقد أسهم في تشييده أكثر من 3 آلاف عامل، و38 شركة مقاولات عالمية، كما استُخدم الرخام الحجر والذهب والأحجار شبه الكريمة والكريستال والسيراميك في البناء والتصميم.
وفي عام 2008 أنشئ مركز جامع الشيخ زايد الكبير، بناء على توجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخيه الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبمتابعة وإشراف الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شئون الرئاسة.
الرخام
اللون الأبيض النقي للجامع هو أحد ملامحه المميزة، وقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه) مولعًا باللون الأبيض، باعتباره رمزًا للنقاء والسلام، ويغطي أكثر من 165 ألف متر مربع من رخام السيفيك البراق الأسطح الخارجية لقباب الجامع ومآذنه وجدرانه، وقد جُلب هذا الرخام من مقدونيا، وجُلب الرّخام الأبيض داخل الجامع من المحاجر الإيطالية، أما الساحة الخارجية (الصحن) فموشاة بمئات الآلاف من قطع الفسيفساء التي استخدمت فيها أنواع مختلفة من الرخام الإيطالي، والهندي، واليوناني، والصيني. وبشكل عام، يوجد في الجامع ما لا يقلّ عن 30 نوعًا مختلفًا من الرخام، تتنوّع ألوانه من الأزرق الغامق والأرجواني إلى الوردي الخافت والأصفر، كما استُخدم الرخام الأبيض الشرقي (ايست وايت) والمينغ الأخضر من الصين ورخام المكرانا الهندي في تزيين أطراف الساحة الخارجية بتشكيلات زهرية مميزة.
صحن الجامع
صحن الجامع عبارة عن ساحة مفتوحة على شكل مربع أو مستطيل، ويتسع لحوالي (31) ألف مصلٍّ بمساحة تبلغ نحو (17400) متر مربع، ويجتمع فيه المصلّون؛ لأداء صلاة العيديْن (الفطر والأضحى)، ويشهد خلال ليالي شهر رمضان حضورًا كبيرًا لأداء صلاتيْ التراويح والتهجد، كما يميز الصحن، التشكيلات الزهرية المكونة من الرخام الملون، والتي تلتوي وتلتف بشكل أنيق من أطراف الصحن نحو مركزه، وقد استُوحيت تصاميمها من رسوم الفنان البريطاني "كفين دين"، الذي عمل على ابتكار تصميم فريد لهذه المساحة الكبيرة، كما تم اختيار أنواع مختلفة من الأزهار التي تنبت في الشرق الأوسط مثل زهرة الخزامي والزنبق وزهرة السوسن.
أما المساحة المتبقية من الصحن، فقد زُينت بآلاف القطع الصغيرة من الرخام الأبيض، ويمكن اعتبار هذه المساحة من أكبر الأعمال الفنية المصنوعة من فسيفساء الرخام في العالم.
الأعمدة الخارجية
تُزيّن أروقة الجامع الخارجية بالأعمدة سداسية الجوانب، المصنوعة من الرخام الأبيض المطعّم بأشباه الأحجار الكريمة وبتصاميم زهرية متشابكة، طُعّمت هذه الأعمدة بأحجار شبه كريمة، كما يدخل في تكوين هذه الأعمدة اللازورد واليشب الأحمر والجمشت الأرجواني، وقد زُيّن قلب بعض الزهور بصدف اللآلئ عن طريق التقنية المسمّاة بـ"بيترادورا"، وهي تقنية نشأت في إيطاليا في القرن السادس عشر، ووصلت إلى سلالة المغول في أوائل القرن السابع عشر، ومن أشهر النماذج الرائعة لهذا الفن هو تاج محل في الهند.
يبلغ العدد الإجمالي للأعمدة في الجامع 1096 عمودًا تم حفرها وتطعيمها باليد من قبل حرفيين مهرة؛ حيث نحتوا كل قطعة من قطع الرخام على الأعمدة ورُصّعت هنا في موقع البناء أثناء المراحل الأخيرة من تأسيس الجامع. تصميم الأعمدة مستوحى من النخلة، حيث تعتبر التيجان المذهبة في قمة العمود واحدة من أكثر المعالم المؤثرة في التصميم الخارجي للجامع، وهي مصنوعة من الألمنيوم المؤكسد ذهبي اللون.
القباب
يضم الجامع 82 قبة ذات أحجام مختلفة، أكبرها تلك التي تقع في منتصف قاعة الصلاة الرئيسية، حيث يبلغ قطرها 32.6 متر، وارتفاعها 84 مترًا، وتعد إحدى أكبر القباب في العالم، وقد وشيت جدرانها الداخلية بأول آيات من سورة الكهف رسمت بخط الثلث.
ويظهر في هذه القباب تنوع وتناغم طرز العمارة الإسلامية؛ حيث يغلب على التصميم الخارجي للقباب الطراز المغولي (مثل رأس البصل) المغطى بالرخام المقدوني الأبيض، تعلوه التيجان الذهبية المزينة بالهلال والمغطاة بفسيفساء ورق الذهب والزجاج.
أما الجدران الداخلية للقباب فيغلب عليها الطابع المغربي التقليدي، وقد استخدمت فيها تقنية الجبس المقوى بالزجاج (جي آر جي)، وزينت أطرافها بآياتٍ قرآنية رسمت بأنواع مختلفة من الخط العربي.
والجامع يحوي 14 قبة زجاجية تعد عنصرًا مهمًا من عناصر تصميم الحدائق الإسلامية في الجوامع، كما أنها تعد امتدادًا للقباب التي شُيدت في العصر الأموي؛ لتحقيق وظائف أساسية، أهمها زيادة كمية الإضاءة والتهوية وتضخيم صوت الإمام عند وقوفه للقراءة، ولكن سرعان ما أصبحت وظيفتها الجمالية على ذات المستوى من الأهمية.
المآذن
أطول المعالم المعمارية في جامع الشيخ زايد الكبير هي المآذن، التي ترتفع لنحو 107 أمتار في زوايا الصحن الأربع، ويعكس تصميمها التنوّع والشمولية في الطراز المعماري للجامع، إذ تجمع أنماطاً معماريةً متنوّعة من عصور مختلفة؛ فقد اُستوحيت القاعدة المربعة والجزء الأوسط من الطراز المملوكي، فيما استُوحي القسم العلوي الأسطواني من العمارة العثمانية، أما القبة المستديرة، فهي مستوحاة من عمارة العصر الفاطمي، كما يُمكن للزائر أن يلاحظ الهلال الذهبي على قمتها، والذي يُعدّ أحد عناصر العمارة الإسلامية المعروفة في الجوامع تاريخيًا، ومن مآذن جامع الشيخ زايد الكبير، يُبثّ الأذان الموحّد إلى جوامع مدينة أبوظبي ومساجدها كافة.
ولأن كلمة منارة مستوحاة من معنى "بيت النور" قام المهندسون ببناء مكتبة جامع الشيخ زايد الكبير في إحدى المنارات لتأكيد وتفعيل دور المكتبة في إضاءة وهداية العقول، وهذه المكتبة الوحيدة التي تقع في جامع على مستوى العالم.
الأحواض المائية العاكسة
الأحواض العاكسة التي تحيط بجامع الشيخ زايد الكبير هي من العناصر المميزة والمدرجة ضمن أهم وسائل تزيين الحدائق الإسلامية في العصور القديمة، وهي ذات أشكال مستطيلة، مزينة بآلاف قطع الفسيفساء بتدرجات الأزرق، وتبلغ المساحة الكلية للأحواض حوالي 7 آلاف متر، وقد صممت بحيث تحيط بالجامع من الخارج وتبعث الحياة إلى هندسته، وفي المساء تضفي جمالًا أكبر مع انعكاس الأعمدة الخارجية على الأحواض.
ألواح سيراميك الأزنيق (الأزنيك)
يضم الجامع العديد من ألواح سيراميك الأزنيق بأشكال وتصاميم مختلفة، ويعد لوح سيراميك الأزنيق نوعًا من فن السيراميك، والذي سمي بهذا الاسم نسبة إلى مدينة أزنيق (أزنيك) التركية في مقاطعة بورصا، وتظهر تصاميم ألواح الأزنيق في الجامع رسوماتٍ نباتيةٍ، أما الألواح التي تعلو جدران الجامع، فيظهر عليها خط الثلث الذي خطه الفنان التركي "حسن شلبي" خصيصا للجامع.
الإضاءة القمرية
يحيط بالجامع من الخارج 22 برج إضاءة تم بناؤها وهندستها عن طريق شركة بريطانية، ويحتوي كل برج إنارة على 10 أو 13 كشافًا ضوئيًا، وتكمن وظيفة هذه الأبراج في إعطاء تأثيرات ضوئية على قباب وجدران الجامع ليلًا، وتحاكي هذه التأثيرات مراحل القمر مع غيوم زرقاء، بحيث يتغير سطوع التأثير الضوئي في كل ليلة إلى اللون الداكن أو الضوء الساطع في مرحلة البدر.
البهو (مدخل قاعة الصلاة)
استُوحي تصميم هذا البهو من صورة لحديقة، حيث زينت الجدران بتصاميم نباتية أنيقة، وهي تتسلق وتلتوي لتجسد جمالية تحاكي النباتات الحية، في حين زينت الأرضية برخام تم تنسيقه ليشكل أصناف الزهور من منطقة الخليج العربي، كنبات البلمباغو الأزرق والزنبق الحقلي، وهذه الأشكال النباتية التي تنتشر في أرجاء البهو من الأرضية إلى الجدران هي من رسومات الفنان البريطاني "كيفن دين". وتحمل فكرة التصميم النباتي رسالة الوحدة والتعايش بين شعوب العالم أجمع، فالبهو الرئيسي الذي يقع في جهة الشرق يحوي أصناف زهور تنتمي إلى الشرق الأوسط، وينمو أغلبها في البيئة الصحراوية كبيئة دولة الإمارات العربية المتحدة، أما البهو الشمالي والجنوبي فيظهر ورودًا تنتمي إلى القطر الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية.
اُستخدمت تقنية التطعيم لتزيين أرضية البهو عدا جدران البهو الرئيسي أو الشرقي، فقد استخدمت فيه تقنية البروز بحيث تظهر الورود على شكل ثلاثي الأبعاد كما لو كانت نباتات حية تتسلق الجدران بشكل أنيق ومتناسق.
واستخدم الرسام البريطاني أنواعًا مختلفة ًمن الرخام الطبيعي، بلغ عددها أكثر من 37 نوعًا مختلفًا من دولٍ مختلفةٍ كالصين والهند وإيطاليا ومقدونيا.
يبلغ وزن الثريا الزرقاء، التي تتدلى من قبة البهو الرئيسي، 2 طن وقطرها 4.5 متر، وارتفاعها 6.5 متر، وهي واحدة من سبع ثريات أخرى تم تصميمها من قبل المصمم الأمريكي (دايل كيلي) وقد تمت صناعتها في ميونيخ بألمانيا، وقد زُينت الثريات السبع بـ40 مليون قطعة كريستال من نوع "سوارفوسكي" النمساوي، وهي مصنوعة من الفولاذ المذهب والمقاوم للصدأ وزجاج المورانو الإيطالي.
تتميز الجدران الداخلية للقباب بتراكيب جصيّة مغربية "الأرابيسك" معقدة ومدعمة بألياف زجاجية، وقد كتبت سورة "الرحمن" على الإطار الداخلي للقبة بخطّ النَسخ، وتمتاز كل قبة بتزيينها بآية قرآنية وخط عربي مختلف.
التصاميم الزجاجية
تنتشر الأبواب الزجاجية في قاعات الصلاة والأروقة المحيطة بها، وهذه الأبواب مصنوعة من ثلاثة ألواح منفصلة، من زجاج المورانو الإيطالي، وقد صممت بحيث تكون عبارة عن لوحين خارجيين غير مزخرفيْن، وُضع بينهما لوح مركزي مزيّن بتصاميم نباتية جميلة، استُخدمت فيها تقنيات الفسيفساء والقطع والنفخ، فيما تم تطعيم الجص بقطع من الرخام، وقد نفّذت تلك الأعمال أشهر الشركات الإيطالية المتخصّصة في أعمال الرخام والزجاج. وتسمح هذه البوابات والنوافذ الزجاجية بنفاذ الضوء إلى القاعات؛ لتضيء الجدران والأرضيات والقباب الموجودة في الجامع؛ ولذلك تبرز الفكرة الرئيسة من تصميم الجامع، في دمج أروع الفنون الموجودة في كل جانب من جوانب العمارة.
قاعة الصلاة الرئيسية
قاعة الصلاة الرئيسية هي الأكبر في الجامع وتستوعب حوالي 7800 مصلٍّ، وتستخدم هذه القاعة في المناسبات الدينية، والصلوات ذات التجمع الكبير كصلوات العيد، والتراويح والتهجد في رمضان وفي صلاة الجمعة، وتتميز هذه القاعة بتناظر التصميم وجدرانها الغنية بالتصاميم الهندسية، وهذه ميزة مهمة في العمارة الإسلامية، فكل شيء متشابه على الجانبيْن، كما لو كان صورة منعكسة في مرآة، وبالإضافة إلى هذه القاعة توجد قاعات أخرى مخصصة للرجال والنساء، يتم استخدامها للصلوات اليومية وتتسع كل واحدة منها لـ 1500 مصلٍّ ومصلية تقريبًا.
الأعمدة الداخلية
ينتشر في داخل القاعة الرئيسية 96 عمودًا على مجموعات من أربعة أعمدة تدعم خرسانة القباب، وتحتوي على أنابيب التهوية (التكييف) والذي يظهر في الأجزاء العلوية من الأعمدة باللون البرونزي، ويغطي الرخام الأبيض النقي هذه الأعمدة وهي مطعّمة بعروش العنب المصنوعة من أصداف المحار، تعلوها منمنمات من عذوق النخل المذهبّة، وقد تم تصميم هذه الأعمدة من قبل حرفيين مهرة في مدينة "تونقكوان" في الصين.
الجدران الداخلية
الجدران الداخلية لقاعة الصلاة الرئيسية مغطاة برخام إيطالي فاخر، تم جلبه من أجود مناجم الرخام في العالم، الواقعة في مدينة كرارا الإيطالية (رخام الازا الإيطالي والأكوابيانا وبيانكو بي) وقد زين بتصاميم هندسية أنيقة من فسيفساء الرخام أو الزجاج متقنة الصنع وبتدرجات من الألوان الجميلة الهادئة، وهذا التزيين الفسيفسائي الفريد من نوعه عبارة عن دوائر عديدة تتقاطع فيما بينها لتشكل ورودات أو نجوم ذات خمسة أطراف، وتتيح الفسيفساء الزجاجية نفاذ الإنارة الداخلية (مصابيح الإضاءة) عبر زجاج فسيفسائي ملوّن، كما لو كانت إضاءة طبيعية.
حائط القبلة
يشير حائط القبلة إلى اتجاه الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، والتي يتجه نحوها المسلمون كافة في صلاتهم، وجدار القبلة مزيّن بكثير من الأشكال الزهرية خماسية الأطراف، ويحمل كل منها اسمًا من أسماء الله الحسنى، يتوسطها لفظ الجلالة (الله)، وقد استخدم الخطّاط الإماراتي محمد مَندي التميمي الخطّ الكوفي في كتابتها على هذه الجدران المضاءة بضوء خافت باستخدام الألياف الضوئية، فهذه الأفرع النباتية المضيئة هي عبارة عن ألياف ضوئية كهربائية تشع بشكل مبهر، وأكثر وضوحا في فترة المساء. فوق اسم "الله" توجد وردة من دون اسم، وتعبر هذه الوردة عن تعدد أسماء وصفات الله الكاملة المطلقة، وتحت اسم "الرحمن" و"الرحيم" أيضًا هناك اقتباس مختصر من آيات قرآنية: {وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} سورة الأعراف-180، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} سورة الحشر-23، والتي تدعو المسلمين إلى معرفة معاني هذه الأسماء والدعاء بها.
الجدران المواجهة لاتجاه القبلة يغلب عليها اللون الأبيض الهادئ على عكس الجدران الأخرى في قاعة الصلاة الرئيسية، والتي تتسم بتدرج الألوان فيها، والسبب وراء ذلك يكمن في مراعاة عدم تشتيت انتباه المصلين بهذه الألوان.
المحراب
تصميم المحراب الذي يظهر خطوطًا متموجة باللونين الأبيض والذهبي مستوحى من آياتٍ قرآنية تصف أنهار اللبن والعسل في الجنة؛ حيث تظهر خلية النحل في الجزء العلوي من المحراب وتتفرع من تحتها الخطوط الذهبية المموجة وهي مغطاة بفسيفساء ورق الذهب والزجاج.
المنبر
المنبر في جامع الشيخ زايد الكبير يحتوي على 11 درجًا ليكون الخطيب على ارتفاع مناسب يظهر لجميع المصلين بأعدادهم الغفيرة، وهو مصنوع من خشب الأرز المنقوش بدقة ومهارة عالية، والمزيّن بتصاميم من الزهور والمحار، المطعّم بالصدف والزجاج المعشّق والذهب الأبيض، تعلوه قبة، ويتخذ القسم العلوي منها شكل الهلال.
السجاد
تضم قاعة الصلاة الرئيسية أكبر سجادة فارسية في العالم، سجلتها موسوعة جينيس للأرقام القياسية عام 2007، وهي مصنوعة يدوياً على الطراز الإسلامي (الميدالي) على أيدي أمهر حرفيي السجاد في العالم، حيث شارك في صنع السجادة ما يقارب 1200 حرفي نسجت أصابعهم المبدعة هذه السجادة خلال سنتين؛ حيث استغرق التصميم 8 أشهر، والحياكة 12 شهراً، أما المدة الباقية فقد جرى خلالها نقل وحياكة جميع القطع في الجامع حتى تجتمع في قطعة واحدة، تبلغ مساحتها 5400 متر مربع، بوزن حوالي 35 طنًا، ويشكل الصوف النيوزيلندي 70 % من وزن السجادة، ويشكل القطن 30 %.
والأماكن البارزة من السجادة ليست خطوط الحياكة، بل ارتفاعات مقصودة في النسج، وهي تشير إلى الخطوط التي يجب على المصلين أن يقفوا عليها عند الصلاة، وتم إبراز هذه الخطوط عن طريق حلاقة السجادة وتقليل كثافتها مقارنة بالخطوط الموجودة، وعددها 32 خطًّا.
تبرز جماليات تصميمها الميدالي والزخرفي مدى تناغم التصاميم فيما بينها وبين الثريات التي تعلوها تمامًا؛ لتشكّل لوحة فنية متكاملة، فيبدو تصميمها الدائري على شكل الأرابيسك وكأنه يلتقي في نقطة مركزية، وهناك تتدلى قطع الكريستال كقطرات من اللون توشك أن تتساقط على التصميم الميدالي للسجادة في الأسفل؛ لتعكس الألوان وكأنك في حوض ماء.
الثريات في القاعة الرئيسية
تتدلى من القباب الثلاث داخل قاعة الصلاة الرئيسية ثلاث ثريات كريستالية ضخمة متشابهة في التصميم، وتقع أكبرها في الوسط، وقد صنعت جميعها في ميونيخ بألمانيا، وهي على شكل شجر النخيل ولكنه مقلوب؛ حيث إن الجزء الأسطواني يمثل جذع النخيل، والسعف هو الجزء المتشابك المقعر أما الكريات الكريستالية بالألوان الأحمر والأصفر والأخضر فتمثل الرطب.
وتعد الثريا الوسطى، الأكبر في الجامع، ويبلغ وزنها قرابة 12 طنًا وقطرها 10 أمتار وارتفاعها 15.5 متر، وتحتوي على 15 ألف صمام إضاءة (أل إي دي)، أما الثريتان الأصغر حجما فيبلغ وزن كل منهما 8 أطنان بطول 12.5 متر وقطر 7 أمتار، وقد صُنعت جميع الثريات من الفولاذ المذهّب المقاوم للصدأ، واستُخدم الذهب المجلفن عيار 24 قيراطا في عملية التذهيب، كما رُصعت صفائحها بكريستال سواروفسكي، وتُضفي كرات من الكريستال الأخضر والأحمر والأصفر أضواءً تتلألأ في المصلى بأكمله، ويبلغ عدد قطع الكريستال المستخدمة في صنعها نحو 40 مليون قطعة كريستال.
الساعة ومواقيت الصلاة
توجد في القاعات الداخلية للجامع 11 ساعة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ ومطعمة باللؤلؤ، وقد صنعت في المملكة المتحدة وصممت على شكل وردة ذات ستة أطراف، والجزء الأوسط ـ حيث العقارب ـ يظهر الوقت بالساعة والدقيقة، أما الألواح الرقمية فتظهر مواقيت الصلاة والإقامة (بعد الأذان).
وفي ختام هذا السرد، نتمنى أن يصبح جامع الشيخ زايد "جامعة"، وينضم إلى المؤسسات الجامعية الإسلامية التي لها قوانينها ومناهجها وإجازاتها، وتشد إليها الرحال من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي؛ طلبًا للعلم أو الاستزادة منه، وبذلك يتكاتف مع حصون اللغة العربية والشريعة الإسلامية في القرون المقبلة.
كلنا يقين بأن بُناة هذا الصرح الإسلامي الكبير والقائمين عليه، ونحن نحتفل بمئوية "الشيخ زايد"، لن يتوانوْا عن أخذ الأمر في الحسبان، وجعل مَعْلم الشيخ زايد صدقة للعلم والإيمان على روح مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يستحق أن يُخلَّد اسمه بـ"جامع وجامعة".
قباب جامع الشيخ زايد
صحن الجامع خلال الغروب
محرر "بوابة الأهرام" على أعتاب جامع الشيخ زايد
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
عمرو رمزي مازحا: أنا خريج فريق التمثيل من كلية حقوق المنصورة
حل الفنان عمرو رمزي ضيفا على الإعلامية دينا رامز والإعلامي احمد دياب في برنامج ليالي العيد المذاع على قناة صدى البلد .
تضر الأسنان الأمامية.. تحذير هام من تناول الأطفال لـ المصاصة مصراوى
تضر الأسنان الأمامية تحذير هام من تناول الأطفال لـ المصاصة وطرق تنظيم الفم بعدها | مصراوى
بمواقع عملهم: رئيس جامعة بنها يشارك أخصائي الأمن الإدارى الاحتفال بأول أيام عيد الفطر – وطنى
شارك الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، اليوم العاملين من أخصائي الأمن الإدارى الاحتفال بأول أيام عيد الفطر المبارك ،
مستشفيات«جامعة أسيوط» الحصن المنقذ لأبناء الصعيد - الأهرام اليومي
مستشفيات«جامعة,أسيوط»,الحصن,المنقذ,لأبناء,الصعيد
أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة: الفترة المقبلة ستشهد تطورا اقتصاديا واجتماعيا وعلميا - أخبار مصر -
تقدم مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة بالتهنئة للرئيس عبدالفتاح السيسي بمناسبة بداية الفترة الرئاسية الجديدة، مؤكدا تعزيز دور النادي الاجتماعي
جامعة سوهاججامعة سوهاج وحاجتها لشغل وظائف أطباء مقيمين - جامعة سوهاج
تعلن جامعة سوهاج عن حاجتها لشغل وظائف أطباء مقيمين بالدرجة الثالثة التخصصية للطب البشرى وذلك عن طريق الأعارة لمدة ثلاث سنوات ويجوز مدة لمدة خمس سنوات كحد أقصى […]
جوالة جامعة كفر الشيخ تشارك في الإفطار الجماعي لليتيمات - بوابة الأهرام
نظم منتخب الجوالة بجامعة كفر الشيخ، يوم كشفي ترويحي وإفطار جماعي، تحت رعاية الدكتور عبدالرازق دسوقي رئيس جامعة كفر الشيخ، والدكتور محمد عبد العال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب
جامع الشيخ زايد بالإمارات.. تحفة معمارية إسلامية تستحق أن تكون جامعة صور كليات ومعاهد جامع الشيخ زايد بالإمارات تحفة معمارية إسلامية تستحق أن تكون جامعة
التعليقات علي جامع الشيخ زايد بالإمارات.. تحفة معمارية إسلامية تستحق أن تكون جامعة صور