الموضوعات تأتيك من 15431 مصدر

اخبار عاجلة

Tweet

مؤتمر وارسو… لعبة الحسابات الساذجة القدس العربي

15/02/2019 | 7:45 م 0 comments

لعبت بولندا دور الضحية على الخريطة الأوروبية لأزمنة ممتدة، وأخفت طويلاً وجهاً آخر بوصفها نموذجاً انتهازياً في سراديب التشوه النفسي والاستراتيجي في القارة

لعبت بولندا دور الضحية على الخريطة الأوروبية لأزمنة ممتدة، وأخفت طويلاً وجهاً آخر بوصفها نموذجاً انتهازياً في سراديب التشوه النفسي والاستراتيجي في القارة العجوز، فالميزة النسبية التي حازتها بولندا لتعزل الطموحات الروسية (السلافية) عن العمق الألماني (الجرماني)، ووجد البولنديون الفرصة للتلاعب بالتناقضات بين وقت وآخر، لتكسب إقليماً جديداً من هنا أو هناك، والأهم، توفرت لديهم الأعذار والملابسات الجاهزة ليلعبوا دور الضحية الكاملة.
لم يتعلم البولنديون شيئاً من دروس التاريخ الطويلة، ولعبوا الدور الخطير بأن يكونوا رأس الحربة التي وجهت الضربة الكبيرة والقاصمة للمنظومة السوفيتية الشرقية، وتواصل دورهم في الضغط لمصلحة الأمريكيين والأوروبيين على موسكو، التي احتاجت لعقدين من الزمن لاستيعاب نتائج انهيار الاتحاد السوفييتي، ولذلك فليس مستغرباً أن تحتضن وارسو مؤتمراً جديداً يهدد المصالح الروسية، ويحاول إعادة التاريخ إلى القطبية الأمريكية الواحدة، في زمن أصبح واضحاً فيه أن هذه اللحظة أصبحت تنتمي كلية إلى الماضي، وأن العالم لا يمكنه أن يواصل إبداء إعجابه الساذج بالفحولة السياسية لراعي البقر الأمريكي، خاصة أن الرئيس الأمريكي نفسه وصحوته الشعبوية تجاه أمريكا (عظيمة) من جديد، ظهر باهتاً ومتردداً في لقاءاته مع الرئيس الروسي بوتين، خلال المناسبات القليلة التي جمعتهما.
يعيش العالم أساطيره الخاصة، فمنذ قرن من الزمن انتهت الحرب العالمية الأولى، التي وضعت أوزارها ليدخل العالم في سلسلة من المؤتمرات لتقاسم المكاسب وإغلاق حسابات التكلفة، ومن بين المؤتمرات والاتفاقيات كانت منطقة الشرق الأوسط معنية بشكل كبير بتفاهم سايكس- بيكو، واللمسات الأخيرة لمستقبل المنطقة في مؤتمر سيفر صيف 1920،  بما يعني أن قرناً كاملاً سيكون انقضى على تلك الحقبة التي أسست للواقع الراهن في المنطقة، فهل يعني ذلك أن صلاحية الاتفاقيات القديمة وصلت لنهايتها، وأن شيئاً جديداً يجري إعداده من أجل الوصول إلى خريطة جديدة ستحمل هي الأخرى شيئاً من المفاجآت، كما حملته خرائط سايكس- بيكو القديمة.

أي اجماع سينتجه مؤتمر وارسو سيكون عائماً وفضفاضاً لا يمكن البناء عليه بموقف متماسك تجاه إيران

هل يمكن أن تفهم حالات الوهن المتسارع التي أصابت الدول العربية، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، كجزء من عملية التجديد وإعادة التوزيع، وهل عودة إيران وتركيا للدخول في لعبة التأثير الإقليمي، على الرغم من تكلفتها الباهظة للغاية، كما يظهر في أوضاعهما الاقتصادية، جزء من حالة التغول على الدول العربية التي فوتت فرصة بناء مناعتها الداخلية عندما اكتفت بالشكل الرمزي للدولة، من دون أن تؤسس لمجتمعات حقيقية قابلة للاستمرار؟
هذه أسئلة تنتظر الإجابات في مؤتمر مثل وارسو، حيث يجمع الأمريكيون حلفاء تقليديين للمباركة على إطلاق خطة جديدة للشروع في عملية ترتيبات للمنطقة بشكل عام، وإذ يبدو التخلص من الطموح الإيراني وتحديده عنواناً فاقعاً، فإن عناوين فرعية كثيرة ستجري في كواليس وارسو، غير الآمنة أو الأمينة!
عملياً لا يملك الأمريكيون بهذه الطريقة ما يكفي من الوعي بضرورة التعبير عن التوازنات الضرورية في منطقة وسطية من العالم، تتحكم في انسياب الحركة التقليدية للتجارة، ومخزونات هائلة للثروات الطبيعية، فلا أحد يمكنه أن ينفرد بالكعكة الكاملة في المنطقة، هذه قصة أدركها البريطانيون، عندما لجأوا للمنافس التقليدي في باريس من أجل التقاسم الحذر، وقتها كانت بريطانيا تسيطر، فعلياً لا رمزياً وحسب، على الهند الكبرى، وأجزاء شاسعة من إفريقيا وأخرى في آسيا، وتمتلك هيمنة معنوية على استراليا وكندا ونيوزلندا، ومع ذلك، تغيرت الحسابات في المنطقة، وحتى القوى الأخرى الهامشية نسبياً في لعبة الاستعمار التقليدي وجدت وكلاءها، فالألمان تعاونوا بصورة كبيرة مع تركيا العثمانية ليجدوا موقعاً لهم، وحاولت إيطاليا الالتفاف في ليبيا، بينما تدخل الروس من تبريز الإيرانية في حدثين شبه متزامنين في سنة 1911، فالانهيار العثماني الوشيك كان مغرياً لإعادة التمركز بشهية الاقتناص.
كم تفتح هذه المقدمات شهية أنصار نظرية المؤامرة؟ عموماً، يجب أن لا ينظر لمعتنقي هذه النظرية بكثير من الاستعلاء، أو أن يتم تجاهل ما يصلون له من نتائج كلية، فالمؤامرة هي كلمة سيئة الصيت يتجنبها الجميع، مع أنها تقدم جزءاً من الحقيقة حول السياسة وعالمها الخلفي، فكل التصريحات المنمقة والدبلوماسية، أو العاطفية والترويجية التي تقال في المؤتمرات الصحافية على هامش الأحداث الكبيرة ليست سوى الدخان الذي لا يعبر بصورة دقيقة عن طبيعة النار التي تشتعل جذوتها في الغرف المغلقة.
من موقع الحلقة الأضعف تتابع إيران عن كثب ما يجري في وارسو، ولكنها تمسك أيضاً بصكوك وكالاتها جاهزة لتعرضها في لعبة الأمم، ومبدئياً فإن الفرنسيين والألمان يقفون على مسافة غير مريحة من الأمريكيين في الصراع مع إيران، وتبقى روسيا داخل اللعبة على الأرض، سواء من خلال ترتيباتها مع تركيا وإيران أو بوجودها الفعلي في سوريا، كما أن فارق الخبرة السياسية ربما يميل كثيراً لمصلحة خصوم أمريكا، التي تطرح مغامرة صفقة القرن على هامش المؤتمر، فهذه الصفقة تحديداً تلعب دوراً كبيراً في تحديد الزخم العاطفي في المنطقة على المستوى الشعبي على الأقل، وربما يعطي ذلك الإيرانيين فرصة واسعة جداً للمناورة والمشاغبة على الأمريكيين.
لا يمتلك الأمريكيون مبررات قوية في انقلابهم على إيران، ويبدون تحت ضغوط اسرائيلية وأخرى خليجية، من أجل تقويض إيران أو تحييدها، ولكن ذلك المنطق لا يجد آذاناً صاغية في أوروبا مثلاً، التي لا تجد مبرراً للاستعداء الصريح بعد عقود من التواصل الدبلوماسي الصعب والمرهق، وما أفضى له من تفاهم في الاتفاق النووي، كما أن الفراغ يثير حساسية كبيرة لدى الأوروبيين تدفعهم لخوفٍ مشروعٍ، خاصة بعد ما جربوه في ليبيا، ويبدو على درجة كبيرة من الخطورة مع إيران.
أي اجماع سينتجه مؤتمر وارسو سيكون عائماً وفضفاضاً لا يمكن البناء عليه بموقف متماسك تجاه إيران، وإن كان بالطبع سيرهق الإيرانيين كثيراً، وسيدفعهم لخيارات صعبة، تبقى ضمن إطار خبرتهم التاريخية وسباقهم الصعب بمسافاته الطويلة مع الأوضاع الاقتصادية والأحلام المؤجلة للشعب الإيراني، وبالتالي فالأمر سيدخل المنطقة إلى مرحلة من الضبابية التي لن تؤدي سوى إلى مزيد من الاستنزاف لجميع الأطراف، فالأصل في الأشياء، أن يجتمع الخصوم على ضفتي الخليج، وأن يعملوا على تسوية كاملة تصلح للمستقبل، من أجل الحفاظ على استقرار الخليج وثرواته، بدلاً من التوجه لواشنطن التي تمارس الابتزاز والاستنزاف بنهمها التجاري، وبالتأكيد بعيداً عن وارسو التي تبحث عن استرضاء واشنطن بأي طريقة كانت، من أجل مكتسبات صغيرة كان يفترض بدولة تحمل مسؤوليات بولندا وترضخ لظروفها المعقدة وتاريخها الصعب، ألا تنساق من أجلها لتضع نفسها في مرمى غضب أوروبي ـ روسي مكبوت ربما يجد فرصة للتعبير عن نفسه في وقت لاحق.
كاتب أردني

موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
اقرأايضا
26/03/2024 | 5:38 م

ميكاليلي نسخة البيرثداى بتحديات لعبة FC24 يلاكورة

أعلنت EA Sports تواجد اللاعب الفرنسي كلود ميكاليلي بتحديات لعبة FC24.

ميكاليلي  نسخة البيرثداى  بتحديات لعبة FC24   يلاكورة
26/03/2024 | 5:38 م

تحميل لعبة Stickman Party ستيك مان بارتي التحديث الجديد 2024 

إن لعبة Stickman Party يتم اعتبارها واحدة من أفضل الألعاب التي تم إصدارها في خلال الآونة الأخيرة ويرجع ذلك إلى جميع المميزات التي تعمل على توفيرها للاعبين،

تحميل لعبة Stickman Party ستيك مان بارتي التحديث الجديد 2024 
26/03/2024 | 5:38 م

هتلعب لحد ما تقول كفاية!!.. تحميل لعبة جاتا GTA 5 الأصلية علي الهاتف مجانا بدون فلوس هتقضي عليها وقتك 24 ساعة - البديل

هل ترغب في تحميل لعبة جاتا دون وجود أخطاء في التحميل؟، إذا كانت إجابتك أنك تريد هذا بالفعل فهذا يعني أنه عليك قراءة هذا المقال الذي يساعدك في هذا الأمر، لا

هتلعب لحد ما تقول كفاية!!.. تحميل لعبة جاتا GTA 5 الأصلية علي الهاتف مجانا بدون فلوس  هتقضي عليها وقتك 24 ساعة  - البديل
26/03/2024 | 5:38 م

نستعد اليوم للكشف عن المزيد من المعلومات حول لعبة Judas - Arabhardware

تم الإعلان عن لعبة Judas لأول مرة في حفل توزيع جوائز الألعاب لعام 2022 (The Game Awards 2022) ومن المقرر إطلاقها بحلول مارس 2025.

نستعد اليوم للكشف عن المزيد من المعلومات حول لعبة Judas - Arabhardware
22/03/2024 | 4:16 م

تنزيل برنامج لعبة WePlay التحديث الجديد 2024 وي بلاي

وي بلاي WePlay هي لعبة من ألعاب الترفيه الشهيرة والتي حققت نجاح باهر وشهدت إقبال كبير من عدد هائل من اللاعبين الذين قاموا بتحميلها على هواتفهم المحمولة

تنزيل برنامج لعبة WePlay التحديث الجديد 2024 وي بلاي
22/03/2024 | 4:16 م

الدوري الإنجليزي يعلن إطلاق لعبة فانتازي جديدة يلاكورة

أعلنت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز عن إطلاق لعبة "فانتازي" جديدة، على غرار لعبة "فانتازي بريميرليج" الشهيرة.

الدوري الإنجليزي يعلن إطلاق لعبة  فانتازي  جديدة   يلاكورة


مؤتمر وارسو… لعبة الحسابات الساذجة القدس العربي ألعاب وترفيه لعبت بولندا دور الضحية على الخريطة الأوروبية لأزمنة ممتدة، وأخفت طويلاً وجهاً آخر بوصفها نموذجاً انتهازياً في سراديب التشوه النفسي والاستراتيجي في القارة



اشترك ليصلك كل جديد عن ألعاب وترفيه

خيارات

المصدر https://www.alquds.co.uk/%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%88-%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%B0%D8%AC%D8%A9/ القدس العربي Alquds Newspaper
حذف الاخبار (Request removal)
اذا كنت تملك هذا المحتوي وترغب في حذفه من الموقع اضغط علي الرابط التالي حذف المحتوى
التعليقات علي مؤتمر وارسو… لعبة الحسابات الساذجة القدس العربي

اترك تعليقا


قولي © Copyright 2014, All Rights Reserved Developed by: ScriptStars