غزة: بعد العاصفة

على مدى عقود، بحث علماء الآثار عن آثار تيدا، ميناء غزة المفقود في العالم القديم. وتبدو الخطط لإنشاء نسخة حديثة من الميناء أقرب إلى الأسطورية

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 16/8/2014

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة

على مدى عقود، بحث علماء الآثار عن آثار تيدا، ميناء غزة المفقود في العالم القديم. وتبدو الخطط لإنشاء نسخة حديثة من الميناء أقرب إلى الأسطورية. وما تزال غزة، المغلقة أمام معظم حركة الشحن البحري منذ حرب الأيام الستة في العام 1967، تواقة للحصول على مدخل إلى البحر، وهي المسألة التي ما تزال إسرائيل "تدرسها" بشكل متكرر في كل المفاوضات التي جرت على مدى العقدين الماضيين. والآن، حضرت هذه القضية مرة أخرى إلى الطاولة.في الأسبوع قبل الماضي، استأنف الجانبان، الإسرائيلي والفلسطيني، محادثاتهما غير المباشرة في القاهرة، والتي تهدف إلى تحقيق هدنة طويلة الأجل بينهما بعد خمسة أسابيع من الحرب. وكانت المدافع قد هدأت نسبياً في الأيام الأخيرة، لكن المفاوضات ظلت معقدة، ويشكل حصار غزة نقطتها المركزية. ويحاول أصحاب السلطة في الجيب المحاصر، حركة حماس الإسلامية، إعادة إحياء فكرة وجود ميناء بحري في الوقت الذي يقلصون فيه مطلب إنشاء مطار وممر إلى الضفة الغربية.حتى كتابة هذا التقرير، عرضت إسرائيل -التي يتلخص هدفها الرئيسي في نزع سلاح حماس- القليل من الاهتمام بهذه المسألة. ويقول الفلسطينيون المشاركون في المحادثات إن مفاوضي إسرائيل عرضوا تخفيف، وليس إنهاء الحصار المفروض على القطاع. ويقولون إن إسرائيل اقترحت مضاعفة عدد الشاحنات المسموح بدخولها إلى القطاع ليصل إلى 600 شاحنة يومياً، والسماح لما يقرب من 5.000 شخص بعبور الحدود كل يوم، وتوسيع منطقة الحظر في البحر من ثلاثة أميال إلى تسعة. كما تريد إسرائيل من حماس أن تعيد جثتي اثنين من الجنود الإسرائيليين كانتا قد تخلفتا في ميدان المعركة في مقابل إعادة عشرات السجناء الذين  أعادت إسرائيل اعتقالهم في حزيران (يونيو) بعد إطلاق سراحهم سابقاً كجزء من صفقة لتبادل السجناء.من جانبهم، وفي إطار حرصهم على إطفاء واحدة من الحرائق التي تستعر في المنطقة على الأقل، يحاول الدبلوماسيون تقديم المساعدة. وتدفع كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بخطة تعرض تأمين طريق بحري آمن من غزة إلى قبرص، ربما باستخدام سفن شحن وتفريغ يونانية. ويبدو أن هذه السفن يمكن أن ترسو على شواطئ غزة في غضون أسابيع. كما تعرض الخطة إعادة إحياء بعثة مراقبة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، المعروفة باسم EUBAM، وهي مبادرة محتضرة للمراقبة، كانت قد أشرفت لوقت قصير على نقطة عبور غزة إلى مصر في رفح، لكنها يمكن أن تعمل في المستقبل في مراقبة المعابر إلى إسرائيل أيضاً. وسيكون من شأن ذلك أن يزود الفلسطينيين ببعض الوصول إلى التجارة الدولية، وأن يقدم لإسرائيل بعض الضمانات ضد إعادة تسلح حماس. وكان ذكر مثل هذه الترتيبات قد ورد في بنود تعود في تاريخها وراء إلى اتفاقات أوسلو في العام 1993، ثم مرة أخرى في الأعوام 2000 و2005.بالإضافة إلى ذلك، ربما يحضر الأوروبيون مؤتمراً للمانحين، والمقرر عقده مبدئياً في الأول من أيلول (سبتمبر) في مصر، بهدف تمويل إعادة بناء غزة بعد تدميرها على يد الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة. وكان هؤلاء المانحون قد مولوا بشكل متكرر إعادة بناء البنية التحتية الغزية التي تقوم إسرائيل بتدميرها مرة أخرى لاحقاً، ويأملون في وقف هذه الحلقة المفرغة من البناء والتدمير. وكان مطار مول بناءه الاتحاد الأوروبي قد افتتح في العام 1998، ثم قامت إسرائيل بقصفه في الأعوام 2001، 2009 و2012. (قامت حماس في الأثناء باستخدام القضبان الحديدية المستخلصة من أنقاض المطار المدمر في بناء الأنفاق التي تقود إلى داخل إسرائيل). كما تم أيضاً تدمير منفذ بحري صغير بثلاثة أرصفة، بالإضافة إلى مرفق لتحلية المياه وتوليد الكهرباء، مما جعل غزة أكثر اعتمادية على إسرائيل.على صعيد آخر، قدمت الحرب وتداعياتها فرصة لمحمود عباس، رئيس السلطة الفسطينية المعتدل في الضفة الغربية. ولم يكن لعباس أي تأثير يذكر فيما يتعلق بغزة منذ فازت حماس بالانتخابات هناك في العام 2006، حين أقنعت إسرائيل الدول الغربية بقطع روابطها مع الحكومة الإسلامية. وفي وقت سابق من هذا العام، تصالحت حماس مع السيد عباس، وهو ما أثار الكثير من الغضب الإسرائيلي.لكن المواقف الإسرائيلية آخذة في التغير على ما يبدو. فقد دافع وزراء إسرائيل عن إعادة انخراط السيد عباس في غزة، وقاموا بتخفيف الحظر المفروض على زيارات وزرائه للجيب المحاصر، وآخر ذلك السماح لنائب رئيس الوزراء، زياد أبو عمرو، بتفقد الدمار في غزة. وستكون الخطوة التالية، كما يقول إسرائيلي مقرب من المفاوضات، هو إيفاد كتيبتين من الحرس الرئاسي الفلسطيني (نحو 1.000 رجل) إلى حدود غزة الجنوبية، تمهيداً لإقناع مصر بإعادة فتح الحدود عند رفح.على الرغم من أن السيد عباس يشكل محاوراً مريحاً، فإن إعادة بناء غزة تتطلب حتماً وجود تنسيق مع حماس. وعلى الصعيد الداخلي، ربما تكون الحرب قد أضعفت الحركة، حيث أجاب عدة مئات فقط على دعوة أخيرة للقيام بمسيرات في مدينة غزة. لكن رصيدها السياسي نادراً ما كان أعلى مما هو عليه الآن في الضفة الغربية، حتى إن رجال الأعمال الفلسطينيين البراغماتيين يتعجبون من نجاح حماس النسبي هناك.بعد أسابيع من محاولة سحق الإسلاميين، ينخرط المفاضون الإسرائيليون باطراد في الحوار مع حماس حول شروط إقرار هدنة طويلة الأمد، ولو ان ذلك يجري بشكل غير مباشر. ويقول شاؤول ميشال، وهو مراقب مخضرم لشؤون المنطقة ومؤلف كتاب عن حماس: "إنهم لا يتقابلون في وضح النهار، لكن من المستحيل أنهم لا يفعلون ذلك في الليل". وفي الأثناء، يحوم الدبلوماسيون الغربيون على حافة المحادثات. فمع كل الأفكار التي لديهم، فإنهم يواجهون العوائق من قانون مكافحة الإرهاب وسياسات منع الاتصال التي تجعل من أمر التحدث إلى حماس أصعب عليهم من التحدث إلى جماعات أكثر تطرفاً بكثير، مثل تلك التي في أفغانستان، على سبيل المثال.*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Israel and Gaza: After the storm

[email protected]

alaeddin1963@

زيارة الموضوع الاصلي

غزة: بعد العاصفة

• المصدر http://alghad.com/articles/822378-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B5%D9%81%D8%A9?s=ec1845106bb1289189c3fdccf3e62a3b جريدة الغد
  

موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)

اقرأايضا

اليوم 7:45 ص

كم عدد السنوات اللازمة لإزالة ركام الحرب من غزة؟ أخبار الجزيرة نت

بين أنقاض ما كان يوما مدينة نابضة بالحياة، تبرز معضلة جديدة تضاف إلى معاناة سكان قطاع غزة، حيث بات القطاع أشبه بجبال من الركام تحكي قصة دمار غير مسبوق، وتفرض إزالته تحديا صعبا على الغزيين.

اليوم 7:45 ص

أمريكا تعتقل طالب فلسطيني شارك في احتجاجات ضد الحرب على غزة مصراوى

أمريكا تعتقل طالب فلسطيني شارك في احتجاجات ضد الحرب على غزة | مصراوى

اليوم 7:45 ص

قبل وبعد.. صورة صادمة لقرية سويت بالأرض في شمال غزة سكاي نيوز عربية

سوّت القوات الإسرائيلية قرية في شمال غزة بالأرض في الأيام التي أعقبت انهيار وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا العام.

05/01/2025 | 3:25 ص

بلينكن يتحدث عن أسرع طريقة لإنهاء الحرب في غزة سكاي نيوز عربية

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن أسرع طريقة لإنهاء الحرب في غزة بشكل دائم هي من خلال اتفاق على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.

05/01/2025 | 3:25 ص

إيجابية وتقدم بمفاوضات غزة.. وتوقعات بإنجاز كافة الملفات

مع استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة بين إسرائيل وحركة حماس في قطر، خيّم تفاؤل حذر على الأوساط على ما يبدو.أجواء إيجابية وتقدمفقد أفادت

31/12/2024 | 7:35 ص

مستشفى كمال عدوان: المستشفيات في غزة أرض معركة ، ونازحون يتساءلون: أين نذهب؟ - BBC News عربي

طالب مدير منظمة الصحة العالمية بإنهاء "الهجمات على المستشفيات" في غزة، وقال تيدروس أدهانوم إن المستشفيات في غزة أصبحت مرة أخرى "أرض معركة" وإن النظام الصحي يقبع تحت "تهديد شديد".

31/12/2024 | 7:35 ص

الحرب على غزة مباشر.. الاحتلال يتكبد مزيدا من الخسائر والمقاومة تطلق صواريخ من القطاع أخبار الجزيرة نت

في اليوم الـ452 للعدوان على غزة، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن حركة حماس نجحت أخيرا في استعادة معظم قدراتها بالسيطرة المدنية على مناطق بوسط قطاع غزة.