ميدل ايست أونلاين:.العراق... عن فتوى الجهاد وبدائلها :.
04/09/2014 | 2:19 م 0 comments

إيديولوجيو الشيعة السياسيون غير المُناصرين رسمياً لولاية الفقيه بعد 2003، والمنادون بإقامة دولة سياسية مدنية، يستثمرون الظرفية الايجابية للفتوى، ويلجأون عملياً إلى تبنّي موجهات مذهبية شيعية راهنة.


فتوى الجهاد أظهرت لا وجود لجيش

بعيداً عن الجلبة المُثارة من قنوات الإعلام، والمبالغة في نشر أخبار انتصارات الحكومة السابقة على مدى السنوات الأربع الماضية، لم يعد خافياً على ذي عقل أن هذه الحكومة بدأت تسفر عن ملامح ضعفها، وعن مكامن أدوائها، وعن طبيعة هزالها، وزيف قدرتها على تمثيل الكل الاجتماعي. لم يُعفها إصرارها على البقاء حاكمة أيضاً، وإخفاقاتها المتكررة، من التورط في مجابهة دفاعية مع داعش، المجابهة الأكثر تعقيداً في تاريخها منذ 2003.
كان حالها في هذا المدخل العصيب، حال من ينتظر مُقيلاً يقيله مما عثر به، وينقذه من هول ما وضع فيه. فعقِب العاشر من حزيران المنصرم، لا يسعنا القول سوى إن العراق، شعباً ودولة، بات مهدداً بالتفكك إن لم نقل بالانهيار. فلا وجود لجيش، ولا شعب، ولا سياسة بالمعنى التقليدي المتعارف عليه في توصيف هذه المسميات. ولكن على حين غرة، انقلب الحال، وبما يشبه فرضية الانتظار لدى جمهور الشيعة: أصدرت المرجعية الدينية فتوى، تتدارك فيه ما من شأنه أن ينكص الحكومة على عقبيها، ويردها إلى تحصيل ما بدأته في أول الأمر.
محاولة لشد النسيج
فقد أصدر المرجع الأعلى في النجف فتوى جهادية صريحة، في محاولة منه شد ما تداعى من نسيج هذا البلد، عقب سنوات طوال مضت من الصمت، سواء أكان ذلك الصمت فردياً متعلقاً بسلوك المرجع الأعلى ذاته، أم بسبب إيثار المؤسسة الدينية عموماً لفكرة العزلة التاريخية، أي: صمتها عن استعمال مضمون الفتوى لإغراض سياسية. ولأجل العمل بمقتضى الفتوى، استثمرت الحكومة التضامنية الشعبية لدى جمهور الشيعة، حين مثلت الفتوى وجهاً آخر من وجوه الإيديولوجية السياسية الشيعية لإدارة شؤون الحكم، وتعبيراً وجودياً تشيعه المرجعية لإعادة ضبط الميزان السياسي العام.
فمثلت الفتوى للعيان لحظة التوازن الاجتماعي "الضرورية" التي يعسر الإخلال بمعطياتها، وموقف الداعم في قضايا مذهبية مشتركة. لقد آنت لحظة الفتوى التي بدا فيها من الممكن أن يتحقق الوفاق السياسي الديني، وتتفعل معاني التضامنية المذهبية. لكن، من المهم أيضاً، تأمل طبيعة المعادلة التي ألَف طرفيها المرجع الديني من جهة، والإيديولوجيون السياسيون الشيعة من الجهة الأخرى عندما أظهرت في نتائجها توافقاً في العرَض، وتعارضاً في الجوهر.
فمن ناحية العرَض بدا للعيان أن المرجعية الدينية تصنع تكاملاً دينياً من طبيعة سياسية في علاقتها بالعوام، في حين تتغاير طبيعتها من ناحية الجوهر حين يتجه شغلها الشاغل: نحو تحقيق الصالح العام، لا لغرض سياسي مباشر هنا، بالمعنى الذي يفترضه التصور الأولي لصون المنافع العامة، إنما باعتبار المرجعية الدينية مؤسسة تعنى بالتفصيل المُشتمِل للأشياء الصغيرة (بالتعبير الفوكوي للضبط)، وبتمثيل المجال الشعبي على نحو متسع. فلم تكن المرجعية تابعة في مقاصدها لمشيئة السياسي وظيفياً. بل إن شرعية السلطة السياسية الدينية، تحتاج في عملها إلى ما هو "قدسي" خارج مدار سلطتها الوضعية (باحتساب النقص الملازم لوجودها الخاص)، وأنها تحتاج أيضاً إلى ما يمكن أن يقترحه الديني عندما تتعرض مصالح الإيديولوجيين وامتيازاتهم للخطر، تلك المصالح التي يُعلنون عن أنها مصالح تخص عموم الشيعة.
استثمار الفتوى
يستثمر إيديولوجيو الشيعة السياسيون غير المُناصرين رسمياً لولاية الفقيه بعد 2003، والمنادون بإقامة دولة سياسية مدنية، يستثمرون الظرفية الايجابية للفتوى، ويلجئون عملياً إلى تبنّي موجهات مذهبية شيعية راهنة، عبر رغبة في "إنقاذ" وطن يرونه عابراً لحدود هويتهم الفرعية، وفي محاولة الخروج إلى رحبة الوطني من عباءة المذهبي والطائفي، واستثمار طاقة المرجع، وتوظيفها في العمل السياسي.
لذلك أخذ المكون الشيعي ــ وهو أحد المكونات الفرعية للهوية العراقية، يتحدث عن مهام "إنقاذ" هوية الواحد الوطن الكبير. مع ذلك، فإن غالبية الشيعة تتبنى فرضية إيديولوجية مكسوة بغلاف سميك من الدفاعات التاريخية، مفادها أن الشيعة كجماعة وطائفة يُظهِرون سياسياً وشرعياً ولاءً قوياً للوطن العام (بالمعنى الوضعي للوطن)، فضلاً عن ولائهم المذهبي، لكنهم، لا يرون أيضاً تجسيدَ وطنٍ عابر لهويتهم الفرعية إلا من منظور ما تفترضه إيديولوجياهم السياسية، ومن منظور ما يقترحه زعماء الدين في النجف، وهو ما يدفع المهتمين بالشأن السياسي إلى إعادة النظر في التصورات التاريخية الفكرية والثقافية، التي أنشأتها النخبة العراقية عن الدولة. إن حدث العاشر من حزيران أفرز في الواقع جماعة عريضة تأتمر بأوامر زعماءها الدينيين لا بأوامر قياداتها السياسيين، مُعبِّرة بذلك عن ميل واقعي لايدولوجيا الديني في منظورها عن الوطن.





المُستغرَب من ذلك في هذا الخصوص: إن القوى السياسية الشيعية، المنتعِشة بفاعلية الفتوى سياسياً، صمتت تدريجياً، عن استعمال مسمى الفتوى الصريح بعد مرور ما يقرب من الشهر تحديداً. صمتت عما يمكن أن يُعد، بالنسبة إليها، حاجة وجودية ماسَة لبقائها، وقوة دافعة لإدامة عملها في السلطة، وهي المكتسِبة للشرعية ــ عبر الصدفة الظرفية ــ من مجابهة داعش. صمتت لتشيع نمطاً ممكناً من المقبولية العراقية الجامعة مع الطرف الآخر المغاير لها في العملية السياسية حيال داعش، فآثرت، من ثم، الانتقال إلى قبول بدائل حيادية ممكنة عن مسمى الفتوى، باستجلاب مسميات من مثل: الحشد الشعبي، أو التعبئة الشعبية، أو كما يتداوله المُحللون على الفضائيات: دعوة المرجعية العليا إلى الحشد الكفائي الشعبي، بدلاً من اعتماد مسمى الفتوى الصريح. وهكذا، فجأة، صمتَ السياسيون عن ذِكر الفتوى، بمعناها الديني في بياناتهم وتصريحاتهم الإعلامية، ورأوا في ذلك فسحة ذرائعية ملائمة لتعديل العنوان الأصل، وبالتوافق مع ما أفرزته سجالات النخب المدنية بشأن ما يعنيه مفهوم الفتوى الدينية لاعتبارات سياسية في وطن متعدد. لقد جرى تداول مسمى الحشد الشعبي، حسبما راح يلائم النفعية الإيديولوجية السياسية المُمسِكة بالسلطة. وصار التخلي عن العنوان الديني يُديم تصوراً مدنياً ذا صبغة توفيقية عن الوطن في علاقته بالغير.
مادة تسويقية
هكذا، على عجالة من أمرهم، عدَّل إيديولوجيو الشيعة معنى الفتوى بصورة غير مباشرة، في فضاء إعلامي، كانوا يرون أن مادته التسويقية ليست مقتصرة على مستهلكين من الشيعة حسب. إن صمتاً كهذا أو تعديلاً سياسياً للفتوى يُؤشر ظهور قراءتين سياسيتين متعارضتين في تجربة الحكم الشيعية الحالية؛ القراءة الفقهية الدينية، والقراءة الإيديولوجية السياسية. ولذلك، لم تكن لغة الديني لتصبح لغة السياسي بالمعنى الاستعمالي المُغرِض في لغة الأخير، وأن تحرك الرمزي الديني داخل حقل التاريخ الاجتماعي العام يصنعُ ــ بالضرورة ــ نوعاً من التدافع لدى أصحاب السلطة السياسية.
مثلما إن بيان ثقل الديني في الواقع أمام تهافت مركزية السياسي يرغم السياسي على الأخذ بمضمون الفتوى على سبيل النَدب، وليس على سبيل الإلزام، بسبب إن الخطابين يتحايثان على خط تنافسي متواز حول الشرعية والسيادة، وما ينطوي عليه من مبان ومقاصد من طبيعة مادية.
محمد عطوان
كاتب عراقي
زيارة الموضوع الاصليميدل ايست أونلاين:.العراق... عن فتوى الجهاد وبدائلها :.
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
لا يصلي ولا يزكي فهل يقبل صيامه؟.. أمين الفتوى يجيب مصراوى
لا يصلي ولا يزكي فهل يقبل صيامه أمين الفتوى يجيب | مصراوى

تفاصيل شهادة البكالوريا وآلية التطبيق.. متحدث التعليم يوضح (فيديو)
قال الشيخ إبراهيم عبدالسلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هناك ثلاث فئات لا يجوز إخراج الزكاة لهم، وهم الوالدين، الأبناء، والزوجة. وأضاف خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة «الناس»، مساء الجمعة، أن هذا الحكم الشرعي يرتكز على مبدأ أن

مفاجأة- أمين الفتوى: بيع السلع بالسعر الجديد جائز شرعًا والف مصراوى
مفاجأة أمين الفتوى بيع السلع بالسعر الجديد جائز شرع ا والفتوى تغيرت بعد سماع كبار التجار فيديو | مصراوى

«التعليم» عن تدريس اللغة العربية والدين في المدارس الدولية: نطبِّق نص الدستور
استقبل الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالا من متابعة بشأن ممارسة أطفالها «العادة السرية»، موضحة أن لديها ولدين (8 سنوات، 12 سنة) يمارسان العادة السرية. وقال الورداني خلال برنامج «ولا تعسروا»، عبر القناة «الأولى»، مساء اليوم

اشتملت على 20 توصية.. صدور وثيقة المسجد النبوي للفتوى بختام ندوة الفتوى في الحرمين
اختتمت اليوم أعمال "ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما" في نسختها الثانية، التي أُقيمت في رحاب المسجد النبوي؛ بحضور عددٍ من أصحاب الفضيلة العلماء ونظمتها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وبالشراكة الإعلامية مع وكالة الأنباء السعودية.

خالد الجندي يوضح للشباب الشروط الواجب توافرها في من نأخذ منه الفتوى - بوابة الأهرام
أجاب الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن سؤال من أحد الشباب حول كيفية اختيار الشخص الذي نأخذ منه الفتوى، خاصة في ظل المعلومات المتوفرة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

أمين الفتوى: مبدأ «ما لا أرضاه لنفسي لا أرضاه لغيري» يحل كل مشاكلنا - أخبار مصر -
الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، يؤكد أهمية الالتزام بأوامر الله عز وجل بحسن التعامل مع الزوجات، وفيما يلي التفاصيل.

ميدل ايست أونلاين:.العراق... عن فتوى الجهاد وبدائلها :. فتاوي إيديولوجيو الشيعة السياسيون غير المُناصرين رسمياً لولاية الفقيه بعد 2003، والمنادون بإقامة دولة سياسية مدنية، يستثمرون الظرفية الايجابية للفتوى، ويلجأون عملياً إلى تبنّي موجهات مذهبية شيعية راهنة.
التعليقات علي ميدل ايست أونلاين:.العراق... عن فتوى الجهاد وبدائلها :.