موعد مع القدر
01/06/2014 | 8:30 م 0 comments

أخطئ أحياناً في حسابات وتوقعات وأحاسيس، لكني في هذه المرة أصبت!
أخطئ أحياناً في حسابات وتوقعات وأحاسيس، لكني في هذه المرة أصبت!
منذ رأيته واستمعت إليه في أول لقاء، ظل يستبد بي شعور جارف، بأن هذا الرجل، صاحب الحضور الطاغي، سيكون له مع الوطن موعد يرتبه القدر!
لعلني لهذا، أخذت أكتب عما أشعر، تلميحاً وتصريحاً، خلال ثلاث سنوات مضت، تحديداً في آخر 24 شهراً، عن الجنرال الشاب، رجل الأقدار، صاحب الرؤية الثاقبة، والتقدير السليم، والوطنية المتفجرة، والأحلام العريضة.
أذكر قبل انتخابات الرئاسة عام 2012، أن زملاء أعزاء سألوني عن الأصلح في رأيي لمنصب الرئيس، فقلت دون تفكير: «عبدالفتاح سعيد السيسي»!
أذكر أيضاً أنني حينما سألته شخصياً قبل تلك الانتخابات عن الرئيس القادم.. نظر إلي أعلي وقال بنبرات واثقة: «أتمناه شخصية وطنية مخلصة صادقة، تنقل هذا البلد المنهك إلي مكانة يستحقها، وتمسح عن هذا الشعب العظيم أوجاع السنين».
يومها احترت في كلامه، فلم أجد بين المرشحين من يحكي عن أوصافه، وقلت في نفسي إن تلك السمات لا تنطبق إلا عليه هو.
أعرف وتعرفون أن السيسي لم يكن يريد الحكم، لكني أعلم أن بداخله هاتفاً، ظل يهمس في قلبه منذ الصغر، بأن له دوراً مرسوماً سوف يحين أوانه، وأدري أن عبارة «مصر حتبقي قد الدنيا» لها في مكنون صدره بشارة رآها، ولا يبغي الإفصاح عنها.
ولعل العبارة التي أسرَّ بها والده في أذنه منذ 12 عاماً، وهو يهديه خاتمه، عند اقتراب رحيله: «أنا خبيتك من الناس»، لها صدي ورنين في وجدان عبدالفتاح الذي صار محط أنظار الناس ومناط آمالهم.
في صدري بهجة تمرح، ربما لم تساورني منذ اليوم الذي عدت فيه إلي مدينتي بعد نصر أكتوبر، وفي فؤادي همة ترفرف، وهموم تخبو، حلم يستيقظ، وقلق يغفو.
أحس أن مشاعري صائبة، فالأمة لا تجتمع علي غير حق، والناس لا تجمع علي غير مستحق!
بداية الأسبوع المقبل، يقسم عبدالفتاح السيسي اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، رئيساً لجمهورية مصر العربية.
بعد ظهر نفس اليوم.. يدلف الرئيس عبدالفتاح السيسي من أبواب قصر «الاتحادية»، ويصعد إلي المكتب المستطيل بالطابق الثاني في مقر الرئاسة، كأول رئيس وطني منتخب.
فوق مكتبه، يضع السيسي الملفات الثلاثة لبرنامجه الطموح التي تحولت قبل أن يتولي منصبه فعلياً إلي خطط عمل موقوتة بجداول زمنية، وبعضها يأخذ طريقه إلي التنفيذ علي الفور، أو بالتعبير العسكري «في ساعة تاريخه».
علي الجدار المواجه للمكتب، يرفع السيسي لوحة تحمل الآية القرآنية: «رب قد آتيتني من الملك، وعلمتني من تأويل الأحاديث، فاطر السموات والأرض، أنت ولي في الدنيا والآخرة، توفني مسلماً، وألحقني بالصالحين» صدق الله العظيم.
هذه الآية الكريمة من سورة «يوسف» هي نفسها الآية التي اختارها منذ سنوات لتوضع علي مثواه.. أطال الله عمره.
لحين أداء اليمين الدستورية، يقضي الرئيس المنتخب معظم وقته بمقر حملته، خلال الأيام السبعة المقبلة، في التأمل والتفكير. مشاعر السعادة الإنسانية التي غمرته وهو يتابع نتائج الفرز وأنباء الفوز الكاسح ومظاهر الفرحة التي عبرت عنها الجماهير في الشوارع والميادين، تغلبت عليها وكبحتها مشاعر بوطأة مسئولية وثقل مهمة وقدسية أمانة.
لا يبغي السيسي وقد أصبح رئيساً منتخباً أن يقلل سقف توقعات الناس من رئاسته وهي تستدعيه للترشح، الذي لا يعلمه كثيرون أن طموحات الرجل هائلة، وهمته غلابة، وتوقعاته دائماً أعلي مما يقدر الناس، وغالباً ما تصدق.
لا ينام السيسي، يفكر في اليوم الأول لرئاسته مثلما يحسب للشهر الأول والعام الأول، لا يملك ترف إضاعة وقت فيما لا يحقق إنجازاً، هو يعدو في سباق عكس عقارب الساعة، يريد أن يحقق في عامين ما يُشعر الناس بتغيير حقيقي في معيشتهم وأحوالهم وبلادهم. عنده تجربة مبهرة في القوات المسلحة لو امتدت 4 سنوات، لقفز بالجيش المصري من المرتبة العاشرة إلي المرتبة الخامسة بين جيوش العالم.
يعكف السيسي فيما تبقي من أيام، علي إجراء اتصالات مع شخصيات يثق في حسن تقديرها وفي تجردها للتداول حول أسماء، يتجه إلي ضمها لفريقه الرئاسي كمستشارين يتولون ملفات حيوية لا تتقاطع مع اختصاصات وزراء الحكومة الجديدة.
يبدو الرئيس المنتخب قد حسم أمره، بشأن الحكومة التي ستتقدم إليه باستقالتها فور أدائه اليمين.
المتوقع أن يكلف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل الحكومة فالرئيس المنتخب ـ كما قال لي قبل الانتخابات مباشرة ـ لا يميل إلي التغيير لمجرد التغيير، ويري أن تغيير حكومة لم يمض علي تعيينها سوي ثلاثة أشهر لا يحقق استقرار الحكم ولا مصلحة البلد.
ومعلوماتي أن المهندس إبراهيم محلب سيدخل تعديلات علي حكومته، خاصة أنه كان لا ينوي الإبقاء علي بعض أعضائها، حينما كلفه بها المستشار عدلي منصور، غير أن أموراً منها ضيق الوقت في ذلك الحين، اضطرته للإبقاء علي عدد منهم.
يرتب السيسي هذه الأيام خطوات تنفيذ أفكاره وبرنامجه، لا سيما العاجل منها وذا الأولوية، ومعها الخطاب الأول إلي الشعب. العناصر الرئيسية للخطاب مكتملة في ذهنه، ربما بعباراتها وألفاظها.
في غضون أسابيع معدودة وربما أيام، سيلمس الناس أشياء علي الأرض تنبئ بجدية في تنفيذ الملامح التي أفصح عنها السيسي من برنامجه.
خلال الأسابيع المقبلة، ستصل باكورة معدات تنفيذ ممر التنمية بطول 1200 كيلو متر من العلمين إلي غرب أبو سمبل. كذلك مئات من الشاحنات المبردة التي ستنقل المنتجات والسلع الغذائية من أماكن زراعتها وإنتاجها إلي أسواق جملة بالمناطق الشعبية، ينتظر أن تقام في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ تخصيص مواقعها، أيضاً ستصل عشرات آلاف من رءوس الماشية كدفعة أولي للتسمين وإنتاج الألبان، في إطار خطة كبح الغلاء وضرب المستغلين، وسيبدأ العمل في صناعة مليون صوبة خاصة متعددة الطوابق، تنصب علي أراض مساحتها مليون فدان، وتعطي كل منها إنتاجية تعادل 8 أمثال الفدان الواحد وتوفر فرص عمل في المشروعات الزراعية الصناعية التي ستقام بها وحولها تصل إلي 12 فرصة عمل لكل فدان.
يتمثل السيسي أمامه تجربة الزعيم عبدالناصر، والمشروع الوطني الذي ازدهر في سنوات الخمسينيات والستينيات ، لكن الطريق أمام السيسي أكثر مشقة من درب عبدالناصر، فلا توجد مثلاً أراض زراعية شاسعة يمتلكها إقطاعيون، يمكن توزيعها علي صغار المزارعين وعمال التراحيل في مشروع قومي كالإصلاح الزراعي الذي أعلن عبدالناصر عن البدء في تدشينه بعد 48 يوما لا غير من قيام ثورة 23 يوليو.
مع ذلك فإنني أظن بإمكان السيسي اتخاذ خطوات عاجلة واجراءات مدروسة في غضون 22 يوما للاعلان عنها في العيد الأول لثورة 30 يونيو، تؤذن ببدء القضاء علي دولة الظلم الاجتماعي وتستهدف التخفيف من معاناة الطبقات دون المتوسطة والفقيرة وانتشال الطبقات المعدمة إلي شاطيء الحياة.
علي سبيل المثال:
مضاعفة قيمة معاش الضمان الاجتماعي وعدد الأسر المستفيدة منه.
سداد ديون الغارمين والغارمات الذين يقضون عقوبة الحبس علي بضع مئات أو آلاف من الجنيهات، لتحرير هؤلاء البؤساء وجمع شمل أسرهم المشتتة.
إعفاء الشباب المتعثر من فوائد ديون الصندوق الاجتماعي، علي أن تتحملها الدولة.
إعفاء الفلاحين المتعثرين من فوائد الديون المستحقة عليهم لبنك التنمية والائتمان الزراعي، خاصة أنني أعلم أن الرئيس السيسي يدرس جديا تطوير منظومة هذا البنك ليكون عونا للفلاح لا عبئا عليه.
إنشاء صندوق برأسمال 10 مليارات جنيه يساهم فيه رجال الأعمال، يقدم قروضا حسنة لربات الأسر الفقيرات المطلقات والأرامل (النساء المعيلات) بواقع 10 آلاف جنيه لمليون امرأة معيلة، تسدد علي 100 شهر دون فوائد بعد فترة سماح مدتها عام بواقع 100 جنيه شهريا، ويكفل هذا العرض الزهيد لكل سيدة منهن شراء ماكينات خياطة أو تريكو أو أبقار أو أغنام أو مزرعة دجاج صغيرة وغير ذلك من مشروعات متناهية الصغر، توفر لقمة عيش بسيطة لمليون أسرة تحت خط الفقر. ويتيح هذا الصندوق بعد عام من انشائه والبدء في سداد أقساط القروض، 120 ألف قرض سنويا للنساء المعيلات.
ربما يقال إن الاعتمادات المطلوبة لمعاش الضمان الاجتماعي والإعفاءات المطلوبة للغارمين والشباب والفلاحين، تفوق قدرة الموازنة العامة للدولة، لكني أظن أن تدبيرها ممكن من مصادر مختلفة منها فاتورة دعم أصحاب السيارات الفارهة وإنارة المنتجعات الفاخرة وأصحاب المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة.
أعرف أن السيسي يفضل أن يقدم السنارة لمن يحتاج الأسماك، لكن هناك علي أرض مصر من لا يقوون جوعا ومرضا، علي حمل سنارة.
لذا أحسب هذه الاجراءات لا غني عنها لكي يشعر المطحونون والبؤساء من أبناء هذا الشعب المكافح، أن القدر قد أنصفهم أخيراً بعد 44 عاما، بقائد يحس بأوجاعهم، ويرفق بهم، ويحنو عليهم.
ثمة رسائل أحسب الشعب ينتظرها من البطل الشعبي عبدالفتاح السيسي الذي وضعته الجماهير علي مقعد الرئيس، وظني أن الرسائل ستصل إلي أصحابها في الأيام الأولي لرئاسته، تفصح عن سياسات وأفكار واتجاهات وانحيازات، ترسي دعائم، وترفع قواعد جمهورية جديدة لوطن حر كريم ومواطنين أحرار كرام.
أشعر أن البطل الشعبي الذي صار رئيساً، سيكتب مع الشعب علي أرض الوطن تاريخا ومجدا. وأرجو أن تكون مشاعري هذه المرة أيضا ـ صائبة.
زيارة الموضوع الاصليموعد مع القدر
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ينتخب عبدالله نعمان اميناً عاماً للتنظيم خلفا للعتواني - اليمن
أعلن موقع الوحدوي نت الناطق باسم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أن التنظيم توج اعمال مؤتمره الوطني العام الحادي عشر مساء...

الجمهورية كيري يُطمئن المسيحيين وعون ينفتح على بري - العنكبوت الالكتروني
الجمهورية : كيري يُطمئن المسيحيين وعون ينفتح على بري

الملك مصر تحتاجنا ومن يتخاذل لا مكان له بيننا - السعودية
الرياض / بعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ببرقية تهنئة للرئيس المصري الجديد عبد...

عدن الغد عبد الفتاح السيسي يعد المصريين بالعمل على تحقيق (الحرية والعدالة الاجتماعية)
وعد عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر المنتخب، بالعمل على تحقيق

الملك مصر تحتاجنا ومن يتخاذل لا مكان له بيننا - السعودية
الرياض / بعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ببرقية تهنئة للرئيس المصري الجديد عبد...

موعد مع القدر اخبار انتخابات الرئاسة المصرية2014 أخطئ أحياناً في حسابات وتوقعات وأحاسيس، لكني في هذه المرة أصبت!
التعليقات علي موعد مع القدر