هل نجحت القبة الحديدة في حماية السياحة في إسرائيل؟ I24News

رغم التراجع الحاد في السياحة الى إسرائيل، إلا ان تجربتها تساعدها على إعادة السياح اليها من جديد

في ساعات مبكرة من مساء الثامن من تموز/يوليو الدافئ، اعترضت القبة الحديدية الإسرائيلي صاروخاً واحداً على الأقل في سماء مدينة ريشون لتسيون، وكان هذا يعتبر نبأ جيدا من ناحية واحدة – إذ ان الصاروخ لم ينفجر على الأرض – لكنه أدى الى فوضى لا يستهان بها عند مدخل مطار "بن غوريون" المجاور. هناك، الحراس الهادئون بشكل عام، تحولوا الى وضع شبه قتالي، وطلبوا من الجميع ترك سياراتهم والاحتماء.

عملية الجرف الصامد وصيف فاسد كانا على وشك البدء، وكل صافرة إنذار ورشقة صواريخ كانت كلكمة في وجه مساعي وزارة السياحة الإسرائيلية لتقديم الأرض المقدسة امام العالم، ليس فقط كوجهه مرغوبة وإنما حيوية أيضاً.

ولم يكن ذلك وهماً: الأرقام الرسمية أظهرت انخفاضا بنسبة 36% في عدد السياح الذين قاموا بزيارة إسرائيل في شهر آب/اغسطس الأخير مقارنة مع أرقام نفس الشهر في العام الماضي. بالنسبة للسياحة في إسرائيل، فهذا يشكل ضربة قاسية، خصوصاً ان صناعة السفر تشغل نحو 200 ألف إسرائيلي وتدخل نحو 11 مليار دولار الى الاقتصاد الإسرائيلي – في موسم جيد على الأقل. في الواقع، سنة 2014 كانت سنة جيدة مع وصول نحو مليوني سائح الى إسرائيل في الأشهر الثمانية الأولى، ما يشكل ارتفاع بنسبة 7% عن الفترة الموازية من سنة 2013. لكن عندما تتدخل السياسية بالأوقات الجيدة، فإن الأمور تتغير بسرعة.

من ناحية أخرى لن نشهد تعافيا فوريا، إذ ان الفكرة بأن إسرائيل هي ليست مكانا آمنا ما زالت باقية. "السياح ما زالوا خائفين"، هذا ما قاله حيزي طلاي، مدير التسويق في الفندق الاسكتلندي في مدينة طبريا الواقعة على سواحل بحيرة طبريا. "هذه السنة كان بإمكانها ان تكون سنة جيدة، لكننا على عتبة شهر تشرين أول/اكتوبر وهنالك انخفاض بنسبة 40% في الحجوزات".

مدينة تل أبيب هي الأخرى، لم تتجنب الانخفاض نتيجة حرب غزة، حسب ما يشهده آفي يفراح، مالك فندقين في المدينة. "في شهري تموز/يوليو وآب/اغسطس شهدنا إلغاءات بنسبة تتعدى الـ 50%"، قال يفراح. الأمر المقلق أكثر، وليس فقط بالنسبة لتل أبيب وإنما للصناعة بأكملها، هو ان الانتعاش بطيء. وأضاف يفراح ان "الأمور تتصاعد بشكل بطيء جداً".

يعتمد فندق مثل الفندق الاسكتلندي بشكل أساسي على المجموعات السياحية، مثل المجموعات الإنجيلية التي تُدرج منطقة الجليل في جدول رحلاتها في أنحاء المواقع التقليدية في الأرض المقدسة. يشير طلاي الى انه "من توقيع العقود الأولية مع وكلاء السفر وحتى وضع اللمسات النهائية على التفاصيل فإن الأمر يستغرق ما بين 6 وحتى 8 أشهر من أجل مجموعة تبلغ 20 مشاركين"، لكن الإلغاءات للمجموعات المسيحية منخفض نسبياً مقابل باقي المجموعات. بالنسبة للمسافرين الأفراد والمستقلين فهو يقول إن "السوق الأصعب للانتعاش هو الأمريكي".

حقيقة ان الأمريكيين ما زالوا يترددون في زيارة أماكن ما وراء البحار بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص ليست مفاجئة، خصوصاً عندما نأخذ بعين الاعتبار ثقافة الأمان الأمريكية ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. الأمور تفاقمت في نهاية شهر تموز/يوليو مع الحظر الذي فرضته إدارة الطيران المدني الفدرالية الأمريكية لمدة 36 ساعة على شركات الطيران الأمريكية من السفر من والى مطار بن غوريون – المطار الدولي الوحيد في إسرائيل. في حال كنت سائحاً تحاول ان تدخل أو تخرج من إسرائيل في الثالث والعشرين والرابع والعشرين من شهر تموز/يوليو ولم تحجز تذكرتك في شركة "إل عال"، شركة الطيران القومية الإسرائيلية التي واصلت رحلتها بشكل اعتيادي وحتى قامت بإيصال رئيس بلدية نيويورك السابق مايكل بلومبرغ الى إسرائيل في الثالث والعشرين من تموز/يوليو، قد تسامح على معاناتك من أوجاع الرأس جراء الفوضى التي سببها قرار إدارة الطيران المدني. الغالبية وليس جميع شركات الطيران الأوروبية اتبعت تعليمات إدارة الطيران الأمريكية. مع هذا القدر من عدم الوضوح في الهواء – حينها وبدرجة معينة حتى اليوم – لماذا قد يقوم المسافر باختيار إسرائيل؟

مدير عام وزارة السياحة الإسرائيلية أمير هليفي يقول "نعرف انه كان هنالك ضرر ما من ناحية الاستيعاب، عندما قررت شركات الطيران الأمريكية عدم السفر الى إسرائيل، بالرغم من ان نسبة الانخفاض بقي ثابتاً على نسبة 36%". وأضاف هليفي انه مع "اقتراب الأعياد اليهودية نأمل بان تتحسن نسبة الحجوزات وان الانتعاش سيستمر بعد تلك الفترة – قد يستغرق ذلك ما بين 3 و6 أشهر".

قامت وزارة السياحة الإسرائيلية بحملة دعائية ضخمة في العالم، والأسواق الألمانية والروسية قوية بشكل خاص. مسؤولون في قطاع السياحة ان سوق اليهود الفرنسيين ما زال قوياً. لكن بالنسبة للسياحة الأمريكية، فإن حظر وكالة الطيران المدني كان له تداعيات تتابعية أدت الى أسعار ادنى من المعتاد في الفنادق في جميع أنحاء إسرائيل. العديد من الفنادق في إسرائيل تعمل الآن بنسبة 25% فقط من قدرة استيعابها. هليفي يقول ان الأسعار خلال شهري تموز/يوليو وآب/اغسطس لم تكن من المفروض ان تصل الى 100% من السعر المعتاد لأنها ليست فترة الذروة بالنسبة لسواح الأعمال أو شركات السفر، لكن الانخفاض من دون أدنى شك دراماتيكي.

لكن على ما يبدوا فإن أكبر الدلائل على الوضع، حسب ما ذكرته صحيفة "يسرائيل هايوم"، فإن مرشدي السياحية – والذين يعتبرون عادة مقياس على صحة قطاع السياحة في أي وجهه – يقولون انه المزيد والمزيد من المجموعات تلغي رحلاتها الى القدس.

التشويش في فصل الصيف كانت كثيرة: موسم الثقافة في القدس، على سبيل المثال، لم يلغ بشكل كامل، لكنه لم يكن موسماً اعتيادياً أيضاً. مدير المهرجان إيتاي ماوتنر يقول إن "غالبية فعاليات المهرجان تم تأجيلها وبعضها فقط تم إلغاؤها". ويضيف ماوتنر ان "هذا الإلغاء جاء نتيجة خليط من المشاعر و"اجراءات أمنية" – بعض الفعاليات لم يسمح لنا بإقامتها، والشعور العام كان انه لا يمكننا الاستمرار حسب ما كان مخطط له لأنه كانت فترة مجنونة". اعتداءات متكررة على الميترو في المدينة وأعمال شغب متفرقة في القدس الشرقية لم تساعد في ذلك.

في تل أبيب الديناميكية مختلفة: بأي قدرة من النجاح يمكن للمدينة ان تستمر في تسويق نفسها على أنها منهاتن على ضفاف البحر الأبيض المتوسط؟ أذكر انه جلست لأكل وجبة الغذاء في منتصف شهر تموز في مطعم "بينديلا"، المطعم الجديد الأكثر رواجاً في المدينة. بوسعك إحصاء عدد الطاولات المشغولة بالزبائن على أصابع اليد الواحدة. صاحب المطعم كريس بينديلا يقول انه عندما كانت تدوي صفارات الإنذار فإن "الزبائن كانوا يركضون نحو الطابق السفلي حيث تتواجد المراحيض". بالتأكيد لا يوجد هنالك أمر مثل صوت انفجار صاروخ على علو مئات الأمتار فوق رأسك لكي يمنعك من التمتع بطبق من الفواكه البحرية. قال بينديلا ان المطعم شهد انخفاضا بسيطا نسبياً – 15% -بعدد الزبائن نتيجة عملية "الجرف الصامد" لكن الآن "عادت الأمور الى طبيعتها".

في طريقنا الى اجتماع في البحر الميت قال لي هليفي ان "منتج السياحة الإسرائيلي يستمر في كونه مميزاً". مضيفاً "لدينا أماكن مقدسة، بالطبع، بالإضافة الى سياحة الصحراء، شواطئ ذات مياه دافئة حتى شهر أيلول، عروض أوبرا في مسعدة وأكثر بكثير من ذلك". وقال هليفي انه "الان مع التوقيع على اتفاق السماء المفتوحة هنالك العديد من شركات الطيران التي توفر رحلات رخيصة الى إسرائيل من أوروبا. بالنسبة لألمانيا لوحدها، فقد شهدنا ارتفاع بنسبة 35% خلال نصف السنة الأولى لسنة 2014".

في حال كان الانخفاض حاداً، يصر هليفي ان "هذا ليس بكارثة، لأنه في إسرائيل لدينا خبرة وافرة في هذا النوع من المواقف مثل ما حدث في تموز/يوليو وآب/اغسطس ونعرف كيف نتصرف". مضيفاً بشكل فلسفي: "عليك ان تفهم انه في جميع أنحاء العالم، في البداية كان هنالك أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول، وبعدها قبل أربعة سنوات كان هنالك البركان في أيسلندا، هنالك أزمات التي تؤثر على السياحة. أي شخص يسافر الى أي مكان يعرف ان الأوضاع قد تتغير، لكننا مستمرون قدماً".

انتوني غرانت مقدم برنامج في I24News يدعى ' المراجعة الصحفية اليومية' بالغة الإنجليزية