شعب متحرش بطبعه بقلم شريف سعيد حوادث و محاكم شبكة عيون الإخبارية

أولاً : مبدئيا و قبل أي حديث ، على كل رجل مُندهش في هذا البلد أن يواجه ذاته بسؤال صريح : هل كان دافع مشاهدة المقطع المصور لضحية التحرير “فضول ذكوري” لمعرفة إلى أي حد تم تعرية الضحية ؟! حينما تتم الإجابة على هذا السؤال الصادم سيعرف كل منا إن كان قد تحرش بها هو أيضا أم لا !!

ثانياً : مصر من الدول التي يقع سكانها تحت طائلة التحرش الحتمي كل نهار !! فالشعب مترابط على نحو حميم عبر عربات المترو و الأتوبيس و الكنبات الخلفية للميكروباص !! أما المصريون القابعون تحت خط الفقر بالعشوائيات فلن أرهقهم بسواد كوميدية الحديث عن تحرش !! بعدما أجبرهم الوطن على الزواج و التكاثر و الإخراج في عُشة واحدة !!

ثالثاً : كثير من المنظرين تتحمل دوائرهم مسئولية “إشعال فتيل” بعض الشرائح المكبوتة بشكل أو أخر !! ليست أفلام السبكي الساخنة وحدها !! فأشهر الوثائقيات المصرية لم تر النور إلا عن طريق بعض دوائر الأمن !! بدءا من التسريب العمدي لمقطعي الراقصة الشهيرة و رجل الأعمال !! مرورا بسلسلة أفلام عيادات الأسنان !! وصولا إلى الإنتاج الضخم لمدرب الكاراتيه !! حتى أن بعض المجلات القومية اعتمدت في ترويجها لسنوات على إثارة قراءها !! لن تنسى ذاكرة الجسد المصري مجلتي روز اليوسف و طبيبك الخاص !!

رابعاً : في السنوات الثلاث الأخيرة انتقلنا بمصر إلى التحرش بها أمام العالم !! لم نتوان لحظة عن تطويع التحرش بسمعة بنات الوطن كآلية من آليات المواجهة !! كشف المجلس العسكري السابق على عذريتهن لكسرنا !! فتسابقنا جميعا في نشر صورة ست البنات عارية نكاية في ذات المجلس !! برر المتأسلمون المشهد بأنها عاهرة نظرا لطبيعة “كباسين” عباءتها !! فتجرعوا من نفس الكأس بعدما رُد لهم الصاع بشائعات “جهاد النكاح” في بؤرهم المسلحة برابعة و النهضة ..

في النهاية ، إن كنت لست من هؤلاء الذين شاهدوا المقطع المصور بفضول ذكوري !! و غير منحشر حتميا في عربة من عربات المترو أو الأتوبيس !! و لم تشترك بصناعة فيلم سُبكي الطراز أو تُسرب مقطعا إباحيا من أروقة الأمن !! و لم تُسوق أو تنتش بالتحرش بسمعة بنات خصمك السياسي بشكل أو أخر !! إن كنت لم تفعل كل هذا صارحني : ما سر تلك “اللمعة الذكورية” التي تظهر بعينيك فجأة حينما تدرك أن زميلتك بالعمل مُطلقة ؟! … و للحديث بقية طالما في التحرش بقية .