الموضوعات تأتيك من 15528 مصدر

اخبار عاجلة

Tweet

انت تشاهد: سياسة > تنظيم داعش

تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة

07/05/2019 | 2:08 ص 0 comments
تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة

 خالد يايموت

تؤشر الهجمات التي هزت أربع كنائس وبعض الفنادق في سريلانكا، 21 أبريل (نيسان) الماضي، تزامناً مع عيد الفصح، وخلّفت أزيد من 300 قتيل ونحو 500 جريح، على تحول جوهري في الممارسة الإرهابية لتنظيم «جماعة التوحيد الوطنية».

غير أن فهم هذا التغيُّر المسلكي للتنظيم السيريلانكي لا يمكن أن يتم دون فهم «الانزياح الفكري والعملي»، الواقع لتنظيم «داعش»، بعد دحره بالعراق وسوريا، والإعلان الأميركي عن القضاء عليه، بداية سنة 2019.

تحوُّل «داعش» وتكيفه مع الوضع الجديد بشكل سريع، فاجأ كثيراً من المتخصصين، خصوصاً أن المسار الجديد يناقض البنية التنظيمية القديمة، ويقطع مع «فلسفة» التنظيم الواحدي الرأس، والمتمركز حول «الخلافة»، وما يُسمى الدولة الموحدة، ووجوب الهجرة للعيش تحت راية الخليفة الواحد. ويتجه إلى بناء تنظيم شبكي يقوم على الآيديولوجية الدينية القتالية، تقوده قيادة تقر وتضمن البيعة عن بعد للبغدادي. وفي الوقت ذاته تتمتع، باعتبارها فروعاً عالمية، بالاستقلالية في تحديد الأهداف، وفقاً للسياق والظروف المحلية.

«التوحيد الوطنية»

ضمن هذا السياق العالمي المتسم بتوالد الجماعات الإرهابية، أعلنت الشرطة السريلانكية في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، عن اعتقال أربعة أشخاص ينتمون لتنظيم إرهابي حديث النشأة، وقد ضبطت السلطات مجموعة من المتفجرات في حوزة المعتقلين بالعملية.

لكن المفاجأة، المسجلة حالياً، هي ظهور اسم التنظيم المتطرف لجماعة «التوحيد الوطنية»، على مسرح الأحداث بعد العمليات الوحشية في 21 أبريل بسريلانكا. وقد أثار عدد القتلى في التفجيرات اهتماماً خاصاً من قبل المنظومة الدولية، ووسائل الإعلام. غير أن الغموض الذي صاحب العمليات، سرعان ما كشف عن ارتباط «التوحيد الوطنية»، بالمنظمة الإرهابية العالمية «داعش» بزعامة البغدادي. هذا الأخير أثنى في تسجيله الأخير على الفرع السريلانكي، وتبنى التفجيرات واعتبرها ثأراً للباغور، آخر معقل فقده تنظيمه بسوريا، في مارس (آذار) 2019.

عُرفت «جماعة التوحيد الوطنية»، بزعامة محمد قاسم محمد زهران، باعتبارها تنظيماً دينياً يقوم ببعض الأعمال الاجتماعية والإغاثة، بالإضافة للتعليم الديني. كما عرفت الجماعة المتطرفة بمحليّتها، حيث لا ترتبط بتنظيم «توحيد تاميل نادو» الهندية بأي روابط تنظيمية. بل تعود جذورها لمجموعة متشددة أطلقت على نفسها اسم «جماعة التوحيد في سريلانكا».

ولم تكشف «التوحيد الوطنية»، عن نزعاتها المتطرفة إلا سنة 2016 حيث قام التنظيم بعمليات سرية لتخريب تماثيل بوذية، كما أصدر في السنة ذاتها منشورات تهاجم البوذيين والهندوس، في البلاد، مما أدى لاعتقال السلطات المتحدث باسم الجماعة وزعيمها في ذلك الوقت، عبد الرازق، في 2016، بتهمة التحريض على العنصرية، قبل أن تفرج عنه في العام نفسه. وفي هذه الفترة، كانت التوترات العرقية، خصوصاً بين البوذيين والمسلمين، تتصاعد علناً قبل أن يهدأ الوضع في نهاية المطاف، إلا أنه اندلع مرة أخرى سنة 2019.

يشار إلى أن سنة 2016، عرفت كذلك إقراراً من السلطات الرسمية بالتحاق 32 فرداً من مسلمي سريلانكا بتنظيم «داعش»، في سوريا والعراق. وتشير تقارير كثيرة إلى أن عودة بعض المقاتلين السريلانكيين من التنظيم إلى بلادهم، بعد هزيمة تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، تضاعف من خطر ازدياد النشاط الإرهابي بالبلاد، وبجنوب شرقي آسيا عموماً.

الأسلوب المتجدد

يبدو أن الهجوم الذي ضرب في 21 أبريل سريلانكا، هو نفس أسلوب، تنظيم «داعش». فهذا التنظيم الذي يصارع من أجل تسجيل الإرهاب باعتباره «اسماً تجارياً» خاصاً به، يعتمد من حيث الأهداف المختارة على «سياسة موحدة»، تركز على هدفين: الأول قتل أكبر نسبة من الأجانب، والثاني ضرب البنية الاقتصادية للدولة المهاجمة. ويتضح أن هذه السياسة، التي تطبق خارج العراق وسوريا، لم تكن وليدة 2019. بل إن «داعش» طبقها منذ هجمات باريس عامي 2015 و2016، واعتبر نجاحها في أوروبا مقياساً لصوابية التوجه الداعشي الجديد.

السياسة ذاتها، المعتمدة على قتل الأجانب وإرباك الاقتصاد، نجدها كذلك في هجمات «داعش» قبل عامين في أبريل 2017. حيث وقع تفجيران انتحاريان في مدينتي طنطا والإسكندرية المصريتين، واستهدفا كنيسة وكاتدرائية. مما أسفر عن قتل 45 شخصاً، وإصابة أكثر من 120 آخرين. وفي 13 مايو (أيار) 2018، نفذت عائلة هجمات انتحارية على ثلاث كنائس في سورابايا، ثاني أكبر مدن إندونيسيا، مما أسفر عن مقتل 13 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 40 آخرين.

ويمكن القول إن السياسة الداعشية الجديدة، تُظهر من جهة، أن هجمات سريلانكا الأخيرة هي تعبير عن مزيد من التغيير في منهج «الدولة الإسلامية»، وقدرتها على استعمال التنظيمات المحلية، للتحول إلى راعٍ للإرهاب و«محتكر» لممارسته في جميع أنحاء العالم.

ومن جهة ثانية، يبدو أن تنظيم «داعش» وفكره المتطرف يلعب دوراً ما في الأحداث الدينية التي تقع بدولة جزر المالديف الصغيرة، إذ انضم نحو 450 من مواطنيها للقتال مع تنظيم البغدادي في سوريا والعراق. وبالتالي فهناك مخاوف من توسع تأثير «داعش» في المنطقة ليمتد من باكستان وصولاً إلى الهند ودولة النبال. فإذا كانت «داعش» تريد احتكار الإرهاب لنفسها، فإن التنظيمات الإرهابية المحلية بدورها ترغب في استثمار اسم «داعش» لتجلب وتستقطب المقاتلين.

يحصل هذا في الوقت الذي تفيد فيه كثير من التقارير المتعلقة بالإرهاب والأمن العالمي، بأن المقاتلين الأجانب المطرودين من العراق وسوريا، في طريقهم إلى الانتشار في أماكن مثل بنغلاديش والفلبين وإندونيسيا، وأن خبرتهم القتالية مكّنتهم من المساعدة في إنشاء خلايا لشن هجمات، حيث شهدت دكا هجوماً مفاجئاً في عام 2016 نفذته «جماعة المجاهدين في بنغلاديش»، وهي مجموعة محظورة لا ترتبط تنظيمياً بـ«الدولة الإسلامية».

وبعد ذلك، سيطر فرع تنظيم البغدادي في الفلبين على مدينة مراوي في عام 2017. وفي سورابايا الإندونيسية، وقعت هجمات مميتة على كنائس في عام 2018، وانضمت سريلانكا إلى القائمة سنة 2019. وفقاً لهذا المسار، فإن السياسة الجديدة لـ«داعش» تتجه لخلق توجه جديد في تدبير العلاقة بين التنظيم المركزي والمجموعات المحلية.

من جهة ثالثة، لا يمكن قياس الوضع الحالي لـ«داعش»، دون فهم أنه حركة آيديولوجية عالمية، وليست كياناً تنظيمياً واحداً، كما كانت وقت السيطرة على الموصل بالعراق والرقة بسوريا. فالتنظيم اليوم يعتمد على الولاء أكثر من اعتماده على الهيكلة التنظيمية، ويبدو أن تجربة المقاتلين الذين انضمّوا لـ«الخلافة»، وإعادة انتشارهم بعد الهزيمة، يساعد بشكل قوي في التكيف مع الوضع الجديد، والدخول في مرحلة التحول لتنظيم شبكي عالمي، قد يتجاوز تجربة «القاعدة» في هذا المجال. وهذا ما يظهر في تجربة «داعش»، غرب أفريقيا إلى جنوب شرقي آسيا، والجهاديين المنتشرين في جميع أنحاء العالم.

إن الهجمات التي تم ذكرها أعلاه، في سريلانكا، وسورابايا، ومراوي، تؤكد أن المجموعات المحلية، هي التي تمنح الإشعاع العالمي لـ«داعش». بينما يمنحها تنظيم البغدادي، آيديولوجيته واسمه، في خريطة الامتياز الجهادي المحلي، وهذا ما ينتج تموقعاً متجدداً للحركة الإرهابية العالمية.

صحيح أن هذا لا يكشف كل خيوط الارتباط بين العالمية والمحلية في الإرهاب الداعشي. لكن دور الخلية المحلية في سريلانكا يؤشر على وجود أفراد تم تدريبهم من قِبل مَن لهم تجربة وصلة مباشرة بالمركز، وهذا ما جعل منها هجمات من نوع جديد، تعبر عن تجربة الفرع المحلي في تمثُّل الآيديولوجية، والممارسة الإرهابية للتنظيم المركزي.

إن هذا التحول، الذي بدأ في باريس ما بين عامي 2015 و2016، وانتقل إلى آسيا، يحتاج من التحالف الدولي ضد الإرهاب، إلى بذل مزيد من الجهود لمساعدة السلطات البنغلاديشية، والإندونيسية، والفلبينية، والسريلانكية وغيرها، على مواجهة التهديدات الإرهابية التي تمثلها، التنظيمات المحلية في علاقتها بآيديولوجية «داعش» القتالية.

من الواضح أن هجمات سيريلانكا تمثل ضربة كبيرة لجهود مكافحة الإرهاب. غير أنه من المهم تعقب كل تفاصيل العملية الإرهابية وفك لغز علاقة «جماعة التوحيد الوطني» بتنظيم «داعش». وربما تكون المهمة العاجلة هي منع الخلية المسؤولة عن صنع المتفجرات، من النشاط مرة أخرى وتنافي تكرار الهجمات مرة أخرى. ذلك أن ترك مثل هذه التنظيمات المحلية دون تعقب جدي، يمنحها فرصاً لخلق التهديد والتوسع.

من جهة أخرى، يجب على سريلانكا والدول المجاورة لها، الدخول في تحالف إقليمي ضد الإرهاب، وخلق تعاون وتنسيق أمني مشترك يسهّل تبادل المعلومات، والخبرات، وإجراء تدريبات مشتركة، تهم الحد من النشاطات الإرهابية، في منطقة جنوب وشرق آسيا.

إجمالاً يمكن القول إن تنظيم البغدادي، استطاع خلق دينامية متوحشة في صيغة غير مركزية. فالتنظيم الذي يتحول بسرعة نحو بناء مجموعات محلية، بعقلية آيديولوجية موحدة واستقلالية تنظيمية أنجز قفزة مهمة مكّنته من الوصول لمناطق مختلفة في العالم. ولعب في ذلك على أوتار متعددة مثل، الإثنية والطائفية والمظلومية... فقد اعتبر مركز «صوفان للدراسات الأمنية» ومقره نيويورك أن هجمات سريلانكا هدفها توتير الوضع بين المجموعات الطائفية وزعزعة حكومات الدول التي تقع فيها. أما معهد أبحاث السلام في العاصمة النرويجية أوسلو، فقد اعتبر أن الجانب الأمني هو السبب الرئيسي في اختيار الأهداف بسريلانكا. ذلك أن الكنائس الكاثوليكية، والفنادق، لا تخضع للمراقبة الأمنية، كما أن البلاد تشهد تراخياً للقوى الأمنية في لعب دورها.

أما الجانب العرقي، الذي يلعب عليه «داعش» وفروعه، فلم يسجل المعهد أن هناك عنفاً بين الجماعات العرقية، خلال العشر سنوات الأخيرة. وبالتالي، من الصعب أن تتبنى الطائفة الإسلامية آيديولوجية وفكر تنظيم «داعش» الإرهابي، واستعماله ضد المجموعات العرقية والدينية الأخرى. وكل ما تقدم يجعلنا نقر بأن هناك جانباً من الغموض في طبيعة وأسباب وأهداف «داعش» من الهجوم على الكنائس والفنادق بسريلانكا، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن هذا الغموض، لا ينفي تمكن التنظيم من تنشيط خلايا ومجموعات، مكّنته من توسيع الجغرافية التي تتعرض لتهديداته، رغم أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية أعلن منذ بداية 2019، عن هزيمة «داعش».

* استاذ زائر للعلوم السياسية - ـ جامعة محمد الخامس

موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
اقرأايضا
19/03/2024 | 2:58 ص

قرار عاجل بشأن محاكمة متهمي خلية داعش سوهاج

قررت الدائرة الأولي إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا المنعقدة بمجمع المحاكم بمأمورية استئناف مركز اصلاح بدر، تأجيل جلسات محاكمة 5 عناصر بـ خلية داعش سوهاج .. وهي القضية رقم 426 لسنة 2024، التجمع الأول والمقيدة برقم 13 لسنة 2024 القاهرة الجديدة والتي قيدت برقم 48 لسنة 2024 جنايات أمن الدولة، لجلسة 1 يونيو.

قرار عاجل بشأن محاكمة متهمي خلية داعش سوهاج
19/03/2024 | 2:58 ص

العراق: تدمير مضافات ومصادرة أسلحة في عملية أمنية بأربع محافظات - بوابة الأهرام

أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقي، اليوم الاثنين، تدمير مضافات وأنفاق تابعة لتنظيم داعش الإرهابي ومصادرة عدد من الأسلحة في عمليات جهاز مكافحة الإرهاب بأربع محافظات

العراق: تدمير مضافات ومصادرة أسلحة في عملية أمنية بأربع محافظات - بوابة الأهرام
19/03/2024 | 2:58 ص

المغرب يعلن تفكيك شبكة لتجنيد مقاتلين للانضمام إلى «داعش»

أعلن المغرب اليوم (الثلاثاء) اكتشاف وتفكيك شبكة وصفها بأنها إرهابية تعمل في تجنيد وإرسال مقاتلين للانضمام لتنظيم «داعش» بمنطقة الساحل جنوب الصحراء.

المغرب يعلن تفكيك شبكة لتجنيد مقاتلين للانضمام إلى «داعش»
19/03/2024 | 2:58 ص

قرار قضائي جديد بشأن متهمي خلية داعش سوهاج مصراوى

قرار قضائي جديد بشأن متهمي خلية داعش سوهاج | مصراوى

قرار قضائي جديد بشأن متهمي خلية داعش سوهاج   مصراوى
19/03/2024 | 2:58 ص

تأجيل محاكمة المتهمين بخلية داعش سوهاج لجلسة 1 يونيو -

قررت الدائرة الأولي إرهاب المنعقدة ببدر برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني اليوم، تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية داعش سوهاج، في القضية رقم 48 لسنة 2024، جنايات أمن الدولة، لجلسة 1 يونيو لفض الأحراز.

تأجيل محاكمة المتهمين بخلية  داعش سوهاج  لجلسة 1 يونيو -
اليوم 12:30 م

أمريكا جعلته إرهابيا، التحالف الدولي ضد داعش يرد على زوجة البغدادي

أكدت زوجة زعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي أن زعيم التنظيم الذي روّع العالم لسنوات كان يعاني من مشكلات نفسية وحالة عصبية بعد خروجه من السجن، من دون أن يخبرها بما كان يحدث معه. وكانت أسماء محمد الزوجة الأولى للبغدادي قد أطلت مجددا، من خلال الجزء الثاني من المقابلة التي انفردت بها قناتا "العربية" و"الحدث"

أمريكا جعلته إرهابيا، التحالف الدولي ضد داعش يرد على زوجة البغدادي
اليوم 12:30 م

عروس داعش تخسر جنسيتها البريطانية

"عروس داعش" تخسر جنسيتها البريطانية

عروس داعش  تخسر جنسيتها البريطانية


تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة تنظيم داعش



اشترك ليصلك كل جديد عن تنظيم داعش

خيارات

تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة
المصدر https://elaph.com/Web/NewsPapers/2019/05/1248921.html https://elaph.com

زيارة الموضوع الاصلي
تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة
حذف الاخبار (Request removal)
اذا كنت تملك هذا المحتوي وترغب في حذفه من الموقع اضغط علي الرابط التالي حذف المحتوى
التعليقات علي تحولات «داعش» ما بعد الهزيمة

اترك تعليقا


قولي © Copyright 2014, All Rights Reserved Developed by: ScriptStars