السودان: الحكومة المدنية تواجه دولة عميقة وثورة مضادة القدس العربي
06/10/2019 | 1:45 م 0 comments

الخرطوم-"القدس العربي"- أكثر من شهر مضى على تكوين الحكومة الانتقالية في السودان بعد الإطاحة بحكم البشير، لكنه لم يكن كافيا لإقناع السودانيين بوجود تغيير واضح في
الخرطوم-“القدس العربي”- أكثر من شهر مضى على تكوين الحكومة الانتقالية في السودان بعد الإطاحة بحكم البشير، لكنه لم يكن كافيا لإقناع السودانيين بوجود تغيير واضح في حياتهم ومعاشهم، ويرى كثيرون أن قوى خفية تابعة للنظام السابق ما زالت تسيطر على مجالات حيوية وتقوم بفعل الثورة المضادة.
الأجواء التي سادت قبيل سقوط حكومة الإسلاميين التي استمرت ثلاثة عقود تسيطر على الواقع المعاش في السودان الآن، الأزمة الاقتصادية زادت ضراوة وعادت صفوف الخبز والوقود، بل زادت حدة. ويعاني الناس في الحصول على الغذاء والدواء والمواصلات وارتفعت أسعار السلع الأساسية بدرجة كبيرة.
تظاهرات في دارفور
وشهدت الأيام الماضية تظاهرات يومية في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وحاصر المتظاهرون منزل الوالي قبل أن يتم تفريقهم بالغاز المسيل للدموع، وكانت مطالبهم واضحة، توفير الخبز والمواصلات والحد من غلاء الأسعار. وتطورت الاحتجاجات للمطالبة بإعفاء الوالي المكلف من قبل المجلس العسكري السابق. تظاهرات نيالا جعلت المجلس السيادي ينقل اجتماعاته الخميس إلى هناك.
وخرج الاجتماع بعدة قرارات منها “ضرورة مراجعة حصة ولاية جنوب دارفور من الوقود والدقيق، ووجه بضرورة وجود مخزون استراتيجي لمجابهة الأزمات”. وحسب عضو مجلس السيادة الناطق الرسمي محمد الفكي سليمان، ناقش اجتماع مجلس السيادة في نيالا عدداً من القضايا في أول اجتماع له خارج ولاية الخرطوم، وذلك لأهمية المنطقة الاستراتيجية ولكونها ثاني أكبر ولاية من حيث عدد السكان والنشاط التجاري، بالإضافة إلى الأحداث التي وقعت فيها في الأيام الماضية. وأوضح الفكي أن الاجتماع ناقش أيضا عدداً من القضايا الأمنية المرتبطة بالسلع الاستراتيجية والاستهلاكية في الولاية.
أزمة الوقود في مجلس الوزراء
وبخصوص أزمة الوقود في ولاية الخرطوم، فقد خضعت لنقاش داخل اجتماع مجلس الوزراء وأوضح وزير الإعلام فيصل محمد صالح في تصريحات صحافية أن السبب في الأزمة يعود إلى ضعف نقل المواد البترولية من المستودعات إلى محطات الوقود، مشيرا إلى الوصول للعديد من الإجراءات السريعة لحل هذه المشكلة.
ويرى ناشطون أن السبب في كل الأزمات التي تواجه الحكومة الجديدة، هم إداريون موالون للنظام السابق، وذلك بقصد خلق أزمات تعيق أداء الحكومة. وأصدر وزير النفط عدة قرارات قضت بإقالة مديري شركات تعمل في مجال النفط وهم محسوبون على نظام البشير، لكن الحال لم ينصلح.
وحسب إدارة مصفاة الخرطوم للبترول، فإن المصفاة تعمل بطاقتها القصوى لتوفير المشتقات من المواد البترولية بالصورة المطلوبة. وأورد المركز السوداني للخدمات الصحافية أن إنتاج المصفاة من البنزين خلال اليوم يقدر بحوالي 3 آلاف و30 طنا، و4 آلاف و800 طن غازولين، و700 طن غاز ثقيل، بجانب ألف طن فحم بترولي، و250 طنا من وقود الطائرات.
وتشير هذه المعلومات إلى أن مصفاة الخرطوم تغطي 90 في المئة من احتياج البلاد للبنزين و60 في المئة من الغازولين. وعلى صعيد متصل فقد أعلنت إدارة ميناء بورتسودان للمشتقات النفطية عن وصول 5 بواخر محملة بأكثر من 180 ألف طن متري من الغازولين والفيرنس وغاز الطبخ.
الخبز معاناة مستمرة
ويعاني المواطنون من الحصول على الخبز في ولاية الخرطوم وباقي ولايات السودان، وهدد اتحاد أصحاب المخابز في الدخول في اضراب عن العمل بسبب إلزامهم بتحديد أوزان قطع الخبز بعد أن وصل حجم القطعة الواحدة إلى حجم قبضة الكف.
وطالب مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير بتفعيل الرقابة الشعبية على المخابز ونفى وجود نقص في الدقيق حيث وصلت إلى ميناء بورتسودان أربع بواخر محملة بالدقيق. وأفادت إدارة الميناء بالبدء في تفريغ أكثر من 243 ألف طن من القمح، إضافة لتفريغ 210 ألف طن أخرى من السلعة تم استلامها من المعونة السعودية الإماراتية التي تبلغ 450 ألف طن بواسطة المخزون الاستراتيجي .
وظهر وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، ابراهيم البدوي في مؤتمر صحافي مطوّل ليشرح ملامح خطة وزارته، فبدأ حديثه بمعرفتهم التامة بمعاناة الناس في معاشهم، موضحا أن الخطة تقوم على برنامج اسعافي للاقتصاد، لكنه لم يبشّر كثيرا عندما أوضح أن البرنامج الإسعافي يمثل عملية جراحية عميقة بكل ما تحمله الكلمة من دلالات غير أنه عاد ليقول إن وزارته ستعمل للحد من شدة هذه المعاناة.
وركز البدوي على المحاور التي يمكن من خلالها تقليل المعاناة المتمثلة في: “غلاء الأسعار وتكلفة المعيشة وحل مشكلات المواصلات ومعالجة النفايات وتنظيم الأسواق وتصريف المياه”.
دولة عميقة وشرسة
ويرى الخبير والمحلل السياسي صلاح الدومة أن الدولة العميقة تعمل بكل أريحية في السودان و”تعارض بشراسة أي نجاح للحكومة الانتقالية” مشيرا لوجود أفراد النظام السابق في كل إدارات الدولة ولمدة ثلاثين عاما مما يصعّب اقتلاعهم في شهر واحد.
لكن الدومة يقر في حديثه لـ”القدس العربي” بأن اقتلاع البشير ونظامه لم يكن بسبب أزمة الخبز والوقود فقط بل “بسبب الجرائم البشعة التي ارتكبها ضد الشعب السوداني والدمار الكامل للبنية التحتية والفساد وتكميم الأفواه ودمار القيم الجوهرية في المجتمع” مشيرا إلى أن تراكم البغض والكراهية ضد البشير وحكومته أدى لأن يواجه الثوار الرصاص بصدور عارية.
المجلس العسكري موجود
ويرى الدومة أن المجلس العسكري لا يزال موجودا “بلحمه ودمه” ويمارس الأدوار نفسها التي حاول من خلالها إجهاض الثورة وأفعاله تكذب أقواله، منوها إلى ما سماه بالألاعيب مثل ضم وزارة الاتصالات لوزارة الدفاع والسيطرة على مناجم الذهب والصناعات الكبيرة مثل مجمع “جياد”. وأوضح أن العسكر هم العدو الرئيسي لثورة الشعب وأن محاربتهم ليست سهلة.
ويخلص الدومة إلى أن نجاح الحكومة الحالية مرتبط بأمرين أولهما الترحيب الدولي الذي وجدته والأمر الثاني هو وقوف الشعب السوداني معها والصبر عليها ودعمها بكل وسائل الإعلام الجماهيري والاتصال الشخصي وذلك من خلال كشف شبكات الدولة العميقة وتعرية منسوبي المؤتمر الوطني وكشفهم وفضحهم.
بطء تحقيق أهداف الثورة.
ويرى كثير من الناشطين والفاعلين في ثورة كانون الأول/ديسمبر بطء عدم تحقق العديد من الوعود بخصوص الجرائم والانتهاكات التي صاحبت مسار الثورة وما قبلها وعلى رأس ذلك “إجراء تحقيق مستقل وشفاف في أحداث فض الاعتصام أمام قيادة الجيش في الثالث من حزيران/يونيو الماضي، وزاد من الاحتقان في هذا المجال إعلان المفوضية القومية لحقوق الإنسان وهي جهة تم تكوينها من قبل النظام السابق تقريرا عن حادثة فض الاعتصام لم يرض قوى الحرية والتغيير التي أعلنت أنها لا تعترف سوى بتقرير اللجنة التي عينها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بناء على ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية”.
قضايا حقوق الإنسان
وشهد الأسبوع الماضي حدثا مهما في مجال حقوق الإنسان، حيث افتتحت الأمم المتحدة مكتبا لحقوق الإنسان في الخرطوم وقالت ميشيل باشيليت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “نحن على استعداد لمرافقة السودان خلال لحظة فارقة من تاريخه” وشهدت المناسبة توقيع اتفاقية بين السودان والأمم المتحدة.
وفي هذا السياق خاطب وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري، اجتماع لجنة حقوق الإنسان بجنيف مشيرا إلى قيام الحكومة الانتقالية في السودان بإجراء إصلاحات قانونية تشمل تعطيل القوانين المقيدة للحريات وإعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وأشار إلى الخطوات التي اتخذت في اتجاه تحقيق السلام الشامل وإنشاء المفوضيات المختلفة التي تضمنتها الوثيقة الدستورية.
ومن أبرز القضايا التي أثيرت مؤخرا قضية المفقودين من الشباب أثناء فض الاعتصام وفي كل مراحل الثورة وقد شكل النائب العام السوداني المكلف، عبد الله أحمد عبد الله، الإثنين الماضي، لجنة “للتحقيق والتحري وتقصي الحقائق” حول مفقودي الاعتصام.
مشاركة القوة الصامتة
ويطالب المحلل السياسي ماهر ابو الجوخ بضرورة مشاركة ما سماها بقوى الثورة الصامتة الصامدة في التغيير بدلا عن اليأس والانتظار، ويعرّف هذه القوى بأنها تشمل (لجان المقاومة، ضحايا الحروب، الطلاب، أسر الشهداء ومتضرري السدود).
ويقول: “إن واجب ومهام استكمال الثورة يستوجب أن تستنهض كل قواها الحية الصامدة والصامتة لتكون في مضمار البناء بعدما أبلت بلاء حسناً في سوح النضال والصمود لتوجه مواكبها لوضع لبنات السودان الحر في دولة مدنية ديمقراطية يسودها ويحكمها القانون، فمن صنعوا التغيير بالأمس قادرين على إنتاج مستقبل واعد زاهر ووطن يليق بتضحيات شهدائه ويعبر عن تطلعات ثواره وشعبه وأحلامهم التي باتت ممكنة”.
ويضيف: “من واقع تجارب هذه الثورة ومسيرتها الممتدة منذ كانون الأول/ديسمبر وحتى لحظة توقيع الوثيقة الدستورية في 17 آب/أغسطس 2019 فإن السمة الأبرز التي ظلت ملازمة لها هي مقدرة قواها الصامدة والصامتة في الاستفادة من الأخطاء والتراجع للوراء للعودة والانطلاق بسرعة أكبر” ويشرح بأن ذلك حدث أيام حراك الشارع حتى ظن البعض أن الأمر انتهي وتم إخماده وتكرر بعد جريمة فض الاعتصام في الثلاثين من حزيران/يونيو.
لجان المقاومة
وفي ظل ما يعانيه السودانيون من الدولة العميقة أو إعاقات فلول النظام السابق يقول إن فكرة إشراك هذه القوى الصامتة والصامدة يتلخص بشكل أساسي في تمثيل لجان المقاومة على مستوى الأقاليم في الأجهزة التشريعية سواء كانت قومية أو ولائية أو محلية أو اللجان الشعبية، على أن تزيد نسبة المشاركة كلما نزلنا للمستويات الأدنى على أن تكون البداية بتمثيل هذه القوى بداية بالمجلس التشريعي القومي.
معارك إعلامية
وتستمر المعركة بين أعضاء نظام البشير في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وبعدما نجحت الحملة الإعلامية الواسعة في إعفاء مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، طالبت شبكة الصحافيين السودانيين بطرد أفراد جهاز الأمن من المؤسسات الإعلامية.
ورحبت الشبكة في بيان لها بفتح مكتب مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في السودان مؤكدة أن “رايات الحرية التي ترفرف تحت سماء بلادنا الحبيبة، لم تكن تتحقق من دون تضحيات عظام من النساء والرجال ضد الدكتاتورية البغيضة”.
وتجدر الإشارة إلى أن شبكة الصحافيين حاملة لواء الدفاع عن الحريات، تأهلت لدخول القائمة القصيرة لجائزة مراسلون بلا حدود للعام 2019.
وأدانت الشبكة ما حدث لمراسل قناة “الحرة” الذي منعته عناصر جهاز الأمن من أداء عمله، مشيرة إلى أن الحادثة توضح أن “القبضة الامنية التي ثرنا ضدها وسحقنا قائدها وشيعناه إلى مزبلة التاريخ لا تزال أذيالها وزبانيتها تتحرك”.
وطالبت الشبكة، السلطات المختصة بوزارة الثقافة والإعلام بطرد عناصر الأمن المتغلغلين في أجهزة ومؤسسات الأعلام الرسمية وعلى رأسها الإعلام الخارجي والإذاعة والتلفزيون ووكالة السودان للأنباء “سونا” والقنوات الفضائية وإذاعات الـ”FM” العاملة في السودان، بجانب تصفية المؤسسات الإعلامية التي ينشط جهاز الأمن عبرها وعلى رأسها مركز الخدمات الصحافية “SMC” والمطبعة الدولية وإذاعة “بلادي إف إم” ومركز الخرطوم للإعلام الإلكتروني، ومركز كومون لقياسات الرأي والاستطلاعات، ومواقع “النيلين” و”سودان سفاري” والمركز القومي للإنتاج الإعلامي، مركز روان للإنتاج الإعلامي.
وأشارت شبكة الصحافيين السودانيين إلى ضرورة “العمل على تَنقِية الأجهزة والمؤسسات الإعلامية من فلولِ النظامِ البغيض، لتعود لأصلها: صوتاً للشعب، لا أداةً للثورة المضادة والأحادية، وخنجر غدرٍ في خاصرة الثورة التي مهرها الشهداء بدمائهم الذكية”.
زيارة الموضوع الاصليالسودان: الحكومة المدنية تواجه دولة عميقة وثورة مضادة القدس العربي
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
الكوليرا تتفشى في السودان.. وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد مصراوى
وباء وسط الأنقاض الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد | مصراوى

ارحموا السودان
بدأت الإدارة الأمريكية تنفيذ ألاعيبها فى السودان الشقيق. وجهت اتهاما للجيش السودانى باستخدام أسلحة كيميائية فى حربها ضد قوات الدعم السريع المتمردة. بالطبع نفت وزارة الخارجية السودانية مزاعم وزارة الخارجية الأمريكية. استنكرت الخارجية السودانية الإجراءات التى أعلنت الإدارة الأمريكية

السودان ينفى عودة مطار الخرطوم للعمل - الأهرام اليومي
السودان,ينفى,عودة,مطار,الخرطوم,للعمل

عثمان ميرغني: الحرب في السودان سياسية.. وعقوبات واشنطن جزء من لعبة الضغط الدولي
واشنطن تتهم الجيش السوداني باستخدام أسلحة محرمة دوليا، وتفرض قيودا على الصادرات الأمريكية وتمويل الحكومة السودانية.

هل يفتح الاتحاد الأفريقي صفحة جديدة مع السودان؟ سياسة الجزيرة نت
في لحظة مفصلية من الحرب السودانية أثارت تصريحات لرئيس المفوضية الأفريقية أبدى فيها تفاؤله بانتصارات الجيش السوداني حالة من الجدل وطرحت الكثير من التساؤلات.

الولايات المتحدة تفرض عقوبات على قائد الدعم السريع في السودان - بوابة الأهرام
فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات استهدفت عددًا من الشخصيات والكيانات التي تعمل على زعزعة استقرار السودان وتقويض الانتقال الديمقراطي، من بينهم محمد حمدان دقلو موسى (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع

4 قضايا يستهدف السودان حلها عبر استبدال العملة الورقية اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
يستهدف السودان من اللجوء لاستبدال العملة الورقية حل 4 قضايا، أولها جذب الكتلة النقدية إلى النظام المصرفي حتى تتمكن البنوك من أداء دورها في تنفيذ السياسة الاقتصادية اقتصاد الشرق مع بلومبرغ

السودان: الحكومة المدنية تواجه دولة عميقة وثورة مضادة القدس العربي اخبار السودان الخرطوم-"القدس العربي"- أكثر من شهر مضى على تكوين الحكومة الانتقالية في السودان بعد الإطاحة بحكم البشير، لكنه لم يكن كافيا لإقناع السودانيين بوجود تغيير واضح في
التعليقات علي السودان: الحكومة المدنية تواجه دولة عميقة وثورة مضادة القدس العربي