الموضوعات تأتيك من 15940 مصدر

اخبار عاجلة

Tweet

انت تشاهد: اراء حرة > عمرو حمزاوي

الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي -

07/07/2014 | 10:05 ص 0 comments
الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي -

أمام دار القضاء العالى ــ مشهد أول: سيدات وأطفال ورجال من الفقراء ومحدودى الدخل فى انتظار، أن تأتى سيارات الشرطة (الترحيلات) بالزوج / الابن / الابنة / الأب / الأخ للمثول أمام الهيئات القضائية ويتمكنوا من الاطمئنان عليهم، أن يسمح لهم بتجاوز الباب الحديدى والتواجد داخل قاعات المحاكم بجوار ذويهم إلى أن تنتهى «الجلسات»، أن يتبادلوا عبارات الوداع السريعة ويقتنصوا النظرات الخاطفة قبل أن يتجدد الترحيل.

لا يمنع من تجاوز الباب الحديدى والدخول إلى دار القضاء العالى من يوحى مظهره بعدم الانتماء إلى دوائر الفقراء ومحدودى الدخل أو من حضر بصحبة وكيل من السادة المحامين، أما الفقراء والأسر محدودة الدخل غير القادرة على توكيل محامين فكثيرا ما يمنعون.

•••

أمام دار القضاء العالى ــ مشهد ثان: سيدة فقيرة متقدمة فى السن وفى حالة من النحيب المتصل، تبحث عن ابنها الذى اقتادته عناصر الشرطة إلى خارج المنزل منذ عدة أشهر ولم يعد بعد، لا تعلم مكانه على وجه الدقة ولم تصلها إلا معلومات متضاربة عن طريق «أمين شرطة طيب» يسكن بجوارها، تارة «ابنك فى طرة يا خالة» فتذهب حاملة «زيارة» والقليل من النقود وتعود بخيبة أمل بعد أن أبلغتها إدارة السجن بأن اسم ابنها «ليس فى الكشوف»، تارة «ابنك محبوس فى قسم عين شمس» فتذهب مجددا بالزيارة والنقود وتتكرر ذات خيبة الأمل، اليوم جاءت إلى دار القضاء العالى بعد أن قال لها الأمين الطيب «هيجى فى عربية الترحيلات على دار القضاء العالى، تعالى عشان تشوفى وتطمنى عليه»، حملت الزيارة والنقود وجاء معها رجل من أقاربها وعلموا أن سيارات الشرطة لم تصل بعد وحين وصلت وثبت لترى ابنها الذى لم يكن بين القادمين للمثول أمام الهيئات القضائية، صرخت وبكت وألقت بالزيارة على الأرض وجلست تنتحب وتخبر عن آلام اختفاء الابن وخوفها على حياته وقلب الأم الذى وهن والجسد الذى ما عاد يقوى على الانتظار أمام أبواب السجون والأقسام والمحاكم.

لا يعدم الأغنياء والقادرون والنافذون السبل لمعرفة أماكن احتجاز ذويهم، ولا يعدمها أيضا إلا فى حالات الاختفاء القسرى (وهى ليست بالقليلة) أو لبعض الوقت أهل المسجونين / المحبوسين / المعتقلين من المعلومة أسمائهم للرأى العام، أما الفقراء والأسر محدودة الدخل فمعانتهم ومشقتهم مضاعفة حين تغيب ضمانات الحقوق والحريات ـ ومن بينها معرفة الأهل لأماكن احتجاز ذويهم وتمكينهم من زيارتهم على نحو دورى والاطمئنان على معاملتهم بما يكفل كرامتهم الإنسانية وإجراءات التقاضى العادل.

•••

داخل دار القضاء العالى ــ مشهد ثالث: توقفنى شابة فى العشرينيات من عمرها ومتشحة بملابس سوداء تطلب أن تعرض على أمرا لعلى أتيها باقتراح مفيد، وحين أدعوها إلى الحديث تخبرنى أن أخا لها أصغر منها من بين «المقبوض عليهم فى الأحداث الأخيرة» وأنها تعرف مكان احتجازه، وأن أخاها يعانى من مرض الصرع ويحتاج لتناول الكثير من الحبوب والأقراص لكى لا تتدهور حالته، وأنها حملت «الدواء» المرة تلو الأخرى لمكان احتجازه ولم تمكن من إيصالها إليه لشكوك لدى «ضباط الشرطة» بشأن طبيعة الحبوب والأقراص ولعدم اقتناعهم بالشهادات الطبية التى أظهرتها لهم والتى تثبت معاناة الأخ من مرض الصرع، وأن أحد «العاملين» فى مكان الاحتجاز عرض عليها إيصال الدواء لأخيها نظير مبالغ مالية لا تقدر عليها هى وأسرتها وهم بالكاد من «المستورين»، سؤالها المحدد لى كان «لمن أذهب لأحمى حق أخى فى الحصول على الدواء الذى يحتاجه؟» ولم تطلب مساعدة من نوع آخر، واقتراحى كان بالذهاب إلى منظمات حقوقية (قدمت لها الأسماء وأرقام الهواتف) وإلى لجنة الشكاوى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان (شرحت لها كيف تصل إلى مقر المجلس الكائن بمحافظة الجيزة) وأن تطلب منهم التدخل.

مرة أخرى، لا يعدم الأغنياء والقادرون والنافذون سبل تمكين ذويهم فى أماكن الاحتجاز من الرعاية الصحية التى يحتاجونها ولا يعدمها إلا فى حالات الاختفاء القسرى أو عدم معرفة مكان الاحتجاز (كحالة محمد سلطان) أو لبعض الوقت أهل المسجونين / المحبوسين / المعتقلين لأسباب سياسية أو لأسباب معلومة للرأى العام. أما الفقراء والأسر محدودة الدخل، وبمعزل عن كون ذويهم من السجناء الجنائيين أو من المسجونين / المحبوسين / المعتقلين لأسباب سياسية أو على خلفية «الأحداث الأخيرة» كما ذكرت الشابة العشرينية، فسعيهم لضمان الرعاية الصحية لذويهم والمعاملة المتسقة مع الكرامة الانسانية تقف دونه جيوبهم الخاوية وشبكات علاقاتهم التى يندر أن تصل بهم إلى دوائر السلطة والنفوذ والمعوقات التى تعترض عمل الكثير من منظمات حقوق الإنسان ومبادرات الدفاع عن المقيدة حريتهم.

•••

الفقراء، ملح الأرض وأغلبية هذا الوطن الساحقة، يتحملون الكلفة الأعلى دائما. لا فرق هنا بين انتهاكات الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية وبين الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والظروف المعيشية السيئة والخدمات الأساسية المتدهورة. لا فرق هنا بين مبادرات «التبرع من أجل مصر» التى تجرد من طبيعتها الطوعية حين تصل إلى الفقراء والأسرة محدودة الدخل وتنقلب إلى «تبرعات إجبارية» تقتطع من المنبع (كالخبر المتداول بشأن القرار الأخير للاتحاد العام لنقابات عمال مصر اقتطاع جنيه من رواتب العاملين بالدولة وإيداعها بصندوق «تحيا مصر») وبين تغيير سياسات الدعم دون ضمانات مدروسة وفعالة تكفل الحيلولة دون المزيد من معاناة الفقراء.

زيارة الموضوع الاصلي
الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي -
  • المصدر http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05072014&id=85782baa-7907-40cc-a06d-a19fe7f5a528 بوابة الشروق
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
اقرأايضا
02/01/2015 | 12:35 م

عمرو حمزاوي: البلد دي فيها حاجة حلوة -

دعا الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، إلى بدء العام الجديد "2015" بـ "ابتسامة تبحث عن سعادة"، في تدوينة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

عمرو حمزاوي: البلد دي فيها حاجة حلوة -
31/12/2014 | 9:53 م

الوطن البرلمان «دار مسنين» الموجز

من النسخة الورقية للوطن «فوق الستين».. شرط الجلوس تحت القبة كتب : محمد يوسف وهبة أمينمنذ 4 دقائق مجلس الشعب منذ نهاية عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وربما قبل ذلك، يسيطر النواب كبار السن على ال

الوطن   البرلمان «دار مسنين»   الموجز
31/12/2014 | 9:53 م

بالفيديو..سقوط الكبار من عرش تويتر فى 2014 على رأسهم البرادعى وحمدين وباسم يوسف عربي ودولي

تحول موقع تويتر إلى شبكة قوية التأثير فى العالم العربى اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وحتى فنيا، وتعكس حسابات مشاهير المغردين بصدق اتجاهات شريحة، يمكن

بالفيديو..سقوط الكبار من عرش تويتر فى 2014 على رأسهم البرادعى وحمدين وباسم يوسف   عربي ودولي
31/12/2014 | 9:53 م

عمرو حمزاوي يكتب: ليبيا والسودان والمشرق العربى فى 2014 الموجز

إذا كانت المغرب تودع 2014 وبعض عناصر الملكية الدستورية واحترام الحقوق والحريات العامة تختلط بها بتدخل المؤسسة الملكية فى بعض مناحى الحياة السياسية والمجتمعية، والجزائر تنهيه دون تغيير بشأن هيمنة المؤس

عمرو حمزاوي يكتب: ليبيا والسودان والمشرق العربى فى 2014   الموجز


الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي - عمرو حمزاوي



اشترك ليصلك كل جديد عن عمرو حمزاوي

خيارات

الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي -
المصدر http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05072014&id=85782baa-7907-40cc-a06d-a19fe7f5a528 بوابة الشروق
حذف الاخبار (Request removal)
اذا كنت تملك هذا المحتوي وترغب في حذفه من الموقع اضغط علي الرابط التالي حذف المحتوى
التعليقات علي الفقراء يتحملون الكلفة الأعلى دائمًا - عمرو حمزاوي -

اترك تعليقا


قولي © Copyright 2014, All Rights Reserved Developed by: ScriptStars