أحداث غزة وكشف سوأة العرب
اليوم 0:00 ص 0 comments

د. علي العتوم
السوأة العورةُ المُغلّظة من أمام أو من خلف سواء. وانكشافها أمر جِدُّ قبيح ومُزرٍ على أي مستوى كان، فكيف إذا كان على مستوى المؤتَمَن، إذ يخون أو ينكص عن القيام بواجبه، وهو يدّعي أنه رائد لقومه يطلب منهم موالاته وتأييده، والتمدُّح بأمجاده، والتغزّل بطلّته، في حين يُطلق ساقيه للريح هارباً، والعدوّ يغزو حريمه، يعتقل ويغتصب ويقتل، ولا من نكير ولو بقدر قطمير.أليس هذا انكشاف عورة وفضيحة، بل مخزاةً وحِطّةً لا يستحق صاحبها أي قدر من الاحترام، بلْهَ أنْ يكون من الكرام. وهي حال أشد ما تنطبق اليوم على الأمة العربية، ولا سيّما الرُّعاةُ المُنصَّبون عليها بغير إرادتها، بل إنها معابة وأية معابة، أن ينكشف ستر الإنسان فلا يبقى منه ولا قدْر ورقة التوت، ولكنْ أنّى لهؤلاء أنْ يحسّوا بالسُّبّة، وقد انخلع عرق الحياء من نواظرهم ؟!
يقصف اليهود غزة بطائراتهم المقاتلة وآلتهم الحربية الفتّاكة، فيُقْتَل أطفالها ونساؤها وعجزتها وشيوخها، وتُهدَّمُ بيوتها وتهدُّ مؤسساتها، وتُخرّبُ أراضيها ومزارعها، وليس عندها مقوّمات الرد المكافئة من سلاح وعتاد ومال وأريحية في المداخل والمخارج، وأنتم أيها العرب تتفرجون كأن الأمر لا يعنيكم، إن لم تكونوا تنتظرون على أحرَّ من الجمر، أنْ تذهب غزةُ وأهلها غارقة في البحر لتستريحوا عندها من عناء إزعاجها، وعدم ركوعها لليهود !!
أين قواتكم العسكرية وجيوشكم العرمرمية وأين أسلحتكم القومية وأموالكم المليارية وإدعاءاتكم الدنشكوتية، وإخوانكم يذوقون أشد أنواع الأذى والعذاب من ذبح وحصار وتخريب ودمار على يد قتلة الأنبياء ونسل القردة والخنازير، أم أنكم وقد فضحكم الله لستم عرباً ولا مسلمين، بل لستم إنسانيين يشعرون بآلام الحزانى والمنكوبين شعور الأسوياء والطيبين ؟! هلاّ انتصرتم لهم أشقاءَ في الإسلام، أو أقرباءَ في العروبة أو إخوة في الإنسانية.
كان العربي من أجدادكم لا يقبل الضيم على نفسه ولا يرضاه لقريبه أو جاره، بل كان يهبُّ كأنه البركان الثائر للدفاع عن ذِماره، مُرخِصاً في سبيل ذلك كل ما عنده من غالٍ ونفيس. ومن هنا كان التغني بالنجدة وإجابة الصريخ، ورد الغارة وخوض الغِمار، وكان المسلم من أبناء دينكم يقتفي في الثأر للمضيمين والرد على المُغيرين قول رسولنا العظيم : (يا خيل الله اركبي، ونصرتُ بالرعب مسيرة شهر، وإنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المُنذَرِين)، بل كان المسلمون يوماً قد نصبوا ميزان العدل بين الأمم، ينتصرون للمظلوم ولو كان من غير أبناء ملّتهم كما فعلوا عند فتح الأندلس، إذ خلّصوا اليهود من ظلم القوط النصارى.
ألم تروا أنه لا قيمة للإنسان إلا بإبائه والدفاع عن أرضه وعرضه ؟! وهكذا كان ابن غزة صاحب النخوة والإباء، لم يُسْلِم لليهود بيده ولو كان لا يملك معشار معشار ما يملكه اليهود من عدة وعتاد وإمكانات وقدرات، لأنه يوقن أنه لا يرضى بالذلة والخنوع إلاّ الأذلاّن: العيرُ(الحمار) والوتِدُ، وأنّ يوماً بعزة خير من أعمار كاملة بذلّة. ومن هنا كان محطّ نقمة اليهود الذين يملكون أقسى أسلحة الحديد والنار. ومع ذلك صبر وصابر، ورابط وجاهد فكان على قلة العدد والعُدّة أبسل الشعوب العربية، وكان مقاوموه على ضعف الإمكانيات أعزّ من جيوشها الجرارة.
أيها القوم الذين نسوا تاريخهم وأصولهم، وباعوا دينهم بثمن بخس فأضحى همهم دنانيرَهم، وقِبلُهم شهواتِهم، وآلهتهم كراسيَّهم، ألا تستحيون من الله، ألا تستحيون من أنفسكم، ألا تستحيون من شعوب العالم، وكثير منها كافر ضالّ، لكنه يأبى أن يهون وهو يرى بلاده تُداس، وأهله يُستباحون ؟! هل أصبحتم أذل من الهندوس ومن البوذيين ومن الشيوعيين والملاحدة، وكل يدافع بكل ما يستطيع عن بيضته، وهم لا يؤمنون بآخرة ولا يؤمنون بجنة أو نار، ونحن عندنا لمن يدافع عن حقيقته من دين أو وطن أو عشيرة جنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين ؟!
وإنني لأسائلكم سؤال استهجان وغضب، لمن تدّخرون أموالكم، ولمن تحتفظون بأسلحتكم، وأين تذهبون بثمن نِفطكم الذي هو من حق الأمة كلها ؟! لِمَن تكدِّسون أسلحتكم إن لم تكن لمثل هذه الأيام العصيبة التي يشن فيها اليهود الأنجاس الغارة تلو الغارة على إخوانكم في غزة، فيحرِقون المزروعات، ويخربون البيوت، ويذبحون الضعفاء ؟! أتكدّسونها لثائرٍ عليكم تردعونه عنكم، والله إذا أراد نزع المُلك منكم لظلمكم، فهو أسهل عليه من قول : كُنْ، وهو أسرع إليكم من السيل إلى منتهاه ؟! أما نِفطكم الذي تبعثرونه على محاسيبكم من الأولياء والفسدة، بل على أعداء الله من دول الغرب ليضربوا به المسلمين في كل مكان، فسيكون غداً يوم القيامة جمراً تشوى به أجسادكم الخبيثة.
أجل لقد انكشفتم وبانت سوأتكم وليس اليومَ، بل منذ زمان، ولكنها اليوم أشد تعرّياً وافتضاحاً. لقد انكشفت سوآتكم منذ حروب : (1914م، 1948م، 1967م، 1973م)، إذ كان ولاؤكم لأعداء الله وقبولكم باليهود أصحاب دولة في فلسطين بعد طرد أهلها منها بصفقات سرية وعلنية، ولكنّ هذا الخداع الذي انكشف اليوم خاصة بوقوف العرب سلطات وإمكانيات ضد الإسلام وقيام دولته سيكون له ما بعده، وصدق الله العظيم: (واللهُ شديدُ العِقابِ)، وسيعجل الله بذهاب هيلكم وهيلمانكم، أنتم وسادتكم الأمريكان والإنجليز والروس واليهود الذين يقفون اليوم صفاً واحداً في الإرصاد للإسلام وأهله ودعاته الأطهار.
لقد أثبتت غزة بأهلها جميعاً ومقاوميها الأشاوس وفي مقدمتهم منظمتا حماس والجهاد الإسلامي أن الأمة ما زالت بخير، وأن الهمة اليعربية والروح الإسلامية باقيتان فيها بجوهرهما الحقيقي، وأنه سيكون منهما اليوم وبعد اليوم بإذن الله ما ينوء اليهود ويسوؤهم ويُبقي حياتهم في فلسطين حياة نار وسعار، لا يهنأون فيها بيوم واحد دونما رعب أو ذعر. فهم غرباء في بلادنا دخلاء عليها وبُغاة متسلّطون وعلى الباغي تدور الدوائر. وستبقى هذه الأسلحة الخفيفة في أيدي أهلنا في غزة ذات التصنيع المحلي مما يقضّ مضاجع اليهود، ويسرق لذة النوم من عيونهم جزاء وفاقاً.
وختاماً تحية لأهلنا الصابرين في غزة، ومرحى لمجاهديها الأبطال، وهنيئاً لشهدائها الأبرار، وتعساً وبؤساً لقادة هذه الأمة الذين خذلوا أمتهم، لا بالسكوت عن نجدتهم وحسب، بل بدلالة اليهود على ثغورها ونِقاط الضعف فيها، تماماً كما فعل أبو رغال الخسيس وابن العلقمي النجيس في سالف الأيام. وإني لأدعو لهم في شهر رمضان الكريم، وظلال معركة بدر الكبرى بما دعا به الرسول عليه الصلاة والسلام آنذاك لأهلها : اللهم انصر إخواننا في غزة، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، وعراة فاكسهم، وحفاة فاحملهم. اللهم إن اليهود طغوا وبغوا، وجاؤوا بخيلهم وخيلائهم يُحادّونك ويحادّون رسولك، ويقاتلون أتباع دينك. اللهم نصرك الذي وعدتنا، اللهم إن هلاك هذه العصابة، إنما هو كسر لشوكة المسلمين في الأرض، اللهم أحصِ اليهود عدداً واقتلهم بَِدَداً ولا تُغادر منهم أحداً. إنك على نصر أهلنا في غزة، لقدير وبالإجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بك...
زيارة الموضوع الاصليأحداث غزة وكشف سوأة العرب
موقع قولي غير مسئول عن المحتوي المعروض، فهو مقدم من موقع اخر (سياسة الخصوصية)
كم عدد السنوات اللازمة لإزالة ركام الحرب من غزة؟ أخبار الجزيرة نت
بين أنقاض ما كان يوما مدينة نابضة بالحياة، تبرز معضلة جديدة تضاف إلى معاناة سكان قطاع غزة، حيث بات القطاع أشبه بجبال من الركام تحكي قصة دمار غير مسبوق، وتفرض إزالته تحديا صعبا على الغزيين.

أمريكا تعتقل طالب فلسطيني شارك في احتجاجات ضد الحرب على غزة مصراوى
أمريكا تعتقل طالب فلسطيني شارك في احتجاجات ضد الحرب على غزة | مصراوى

قبل وبعد.. صورة صادمة لقرية سويت بالأرض في شمال غزة سكاي نيوز عربية
سوّت القوات الإسرائيلية قرية في شمال غزة بالأرض في الأيام التي أعقبت انهيار وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا العام.

بلينكن يتحدث عن أسرع طريقة لإنهاء الحرب في غزة سكاي نيوز عربية
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن أسرع طريقة لإنهاء الحرب في غزة بشكل دائم هي من خلال اتفاق على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
إيجابية وتقدم بمفاوضات غزة.. وتوقعات بإنجاز كافة الملفات
مع استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة بين إسرائيل وحركة حماس في قطر، خيّم تفاؤل حذر على الأوساط على ما يبدو.أجواء إيجابية وتقدمفقد أفادت
مستشفى كمال عدوان: المستشفيات في غزة أرض معركة ، ونازحون يتساءلون: أين نذهب؟ - BBC News عربي
طالب مدير منظمة الصحة العالمية بإنهاء "الهجمات على المستشفيات" في غزة، وقال تيدروس أدهانوم إن المستشفيات في غزة أصبحت مرة أخرى "أرض معركة" وإن النظام الصحي يقبع تحت "تهديد شديد".

الحرب على غزة مباشر.. الاحتلال يتكبد مزيدا من الخسائر والمقاومة تطلق صواريخ من القطاع أخبار الجزيرة نت
في اليوم الـ452 للعدوان على غزة، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن حركة حماس نجحت أخيرا في استعادة معظم قدراتها بالسيطرة المدنية على مناطق بوسط قطاع غزة.

أحداث غزة وكشف سوأة العرب اخبار غزة د. علي العتوم
التعليقات علي أحداث غزة وكشف سوأة العرب